نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 2 صفحه : 1195
المؤثّر في العالم أجسام لطيفة فكذلك عندنا المؤثّر فيه عقول مجردة
انتهى.
فائدة:
قال الحكماء: الصادر الأول من البارئ تعالى هو العقل الكلّ و له ثلاثة
اعتبارات:
وجوده في نفسه و وجوبه بالغير و إمكانه لذاته، فيصدر عنه أي عن العقل
الكلّ بكل اعتبار أمر فباعتبار وجوده يصدر عنه عقل ثان، و باعتبار وجوبه بالغير يصدر
نفس، و باعتبار إمكانه يصدر جسم، و هو فلك الأفلاك. و إنّما قلنا إنّ صدورها عنه
على هذا الوجه استنادا للأشرف إلى الجهة الأشرف و الأخسّ إلى الأخسّ، فإنّه أحرى و
أخلق. و كذلك يصدر من العقل الثاني عقل ثالث و نفس ثانية و فلك ثان، هكذا إلى
العقل العاشر الذي هو في مرتبة التاسع من الأفلاك، أعني فلك القمر، و يسمّى هذا
العقل بالعقل الفعّال، و يسمّى في لسان أهل الشرع بجبرئيل عليه السلام كما في شرح
هداية الحكمة، و هو المؤثّر في هيولى العالم السّفلي المفيض للصّور و النفوس و
الأعراض على العناصر و المركّبات بسبب ما يحصل لها من الاستعدادات المسبّبة من
الحركات الفلكية و الاتصالات الكوكبية و أوضاعها. و في الملخص إنهم خبطوا فتارة
اعتبروا في الأول جهتين:
وجوده و جعلوه علّة التعقّل، و إمكانه و جعلوه علّة الفلك. و منهم من
اعتبر بدلهما تعلّقه بوجوده و إمكانه علّة تعقّل و فلك و تارة اعتبروا فيه كثرة من
وجوه ثلاثة كما مرّ، و تارة من أربعة أوجه، فزادوا علمه بذلك الغير و جعلوا إمكانه
علّة لهيولى الفلك، و علمه علّة لصورته. و بالجملة فالحقّ أنّ العقول عاجزة عن درك
نظام الموجودات على ما هي عليه في نفس الأمر.
فائدة:
قالوا العقول لها سبعة أحكام. الأول أنّها ليست حادثة لأنّ الحدوث
يستدعي مادة.
الثاني ليست كائنة و لا فاسدة، إذ ذاك عبارة عن ترك صورة و لبس صورة
أخرى، فلا يتصوّر ذلك إلّا في المركّب المشتمل على جهتي قبول و فعل. الثالث نوع
كلّ عقل منحصر في شخصه إذ تشخّصه بماهيته، و إلّا لكان من المادة هذا خلف. الرابع
ذاتها جامعة لكمالاتها أي ما يمكن أن يحصل لها فهو حاصل بالفعل دائما و ما ليس
حاصلا لها فهو غير ممكن. الخامس أنّها عاقلة لذواتها. السادس أنّها تعقل الكليات و
كذا كلّ مجرّد فإنّه يعقل الكليات. السابع أنّها لا تعقل الجزئيات من حيث هي جزئية
لأنّ تعقّل الجزئيات يحتاج إلى آلات جسمانية. و إن شئت أن يرتسم خبطهم في ذهنك
فارجع إلى شرح المواقف.
فائدة:
قال الحكماء أول ما خلق اللّه تعالى العقل كما ورد به نصّ الحديث. قال
بعضهم وجه الجمع بينه و بين الحديثين الآخرين (أول ما خلق اللّه القلم) [1] و (أول ما خلق اللّه نوري) [2] أنّ المعلول الأول من حيث إنّه مجرّد
يعقل ذاته و مبدأه يسمّى عقلا، و من حيث إنّه واسطة في صدور سائر الموجودات في
نقوش العلوم يسمّى قلما، و من حيث توسّطه في إفاضة أنوار النّبوّة كان نورا لسيّد
الأنبياء عليه و عليهم السلام، كذا في شرح المواقف. قال في كشف اللغات:
العقل الأول في لسان الصوفية هو مرتبة
[1] سنن ابي داود، كتاب السنة، باب في القدر، ح 4700، 5/ 76
[2] العجلوني، كشف الخفاء، ح 827، 1/ 311، و جاء بلفظ: (اوّل ما
خلق اللّه نور نبيك يا جابر) و الارجح أن الحديث موضوع.
نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 2 صفحه : 1195