نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 2 صفحه : 1145
و المفهوم من كشف البزدوي أنّ الظاهر و النّص من أنواع اللفظ مفردا
كان أو مركبا حيث قال: الظاهر ما دلّ على معنى بالوضع الأصلي أو العرفي و يحتمل
غيره احتمالا مرجوحا. و قيل هو ما لا يفتقر في إفادته لمعناه إلى غيره. ثم قال ما
قيل أنّ قصد المتكلم إذا اقترن بالظاهر صار نصّا و شرط في الظاهر أن لا يكون معناه
مقصودا بالسوق أصلا و إن كان حسنا، لكنه مخالف لعامة الكتب، فإنّ شمس الأئمة ذكر
في أصول الفقه الظاهر ما يعرف المراد منه بنفس السّماع من غير تأمّل كقوله تعالى: وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ[1]، و هكذا ذكر القاضي الإمام أبو زيد في التقويم [2] و صدر الإسلام أبو اليسر في أصول
الفقه. و رأيت في نسخة من تصانيف أصحابنا الحنفية في أصول الفقه: الظاهر اسم لما
يظهر المراد منه بمجرّد السّمع من غير إطالة فكرة و لا إحالة روية، كقوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي[3] الآية. و ذكر أبو القاسم السمرقندي: الظاهر ما ظهر المراد منه لكنه
يحتمل احتمالا كالأمر يفهم منه الإيجاب و إن كان يحتمل التهديد، و كالنهي يدلّ على
التحريم و إن كان يحتمل التنزيه، فثبت بما ذكرنا أنّ عدم السوق في الظاهر ليس بشرط
بل هو ما ظهر المراد منه سواء كان مسوقا أو لم يكن، و لم يذكر أحد من الأصوليين في
تحديده للظاهر هذا الشرط، و لو كان منظورا لما غفل عنه الكلّ انتهى كلام كشف
البزدوي. و هكذا يفهم من العضدي حيث قال من أقسام المتن الظاهر و هو ما دلّ على
معنى دلالة ظنية فخرج النّص لكون دلالته قطعية. فالنّص ما دلّ على معنى دلالة
قطعية. و قد يفسّر الظاهر بأنّه ما دلّ دلالة واضحة فيشتمل النّص أيضا إذ الدلالة
الواضحة أعمّ من القطعية و الظنية، ثم الدلالة الظنية إمّا بالوضع كالأسد للحيوان
المفترس و إمّا بعرف الاستعمال كالغائط للخارج من الدبر بعد أن كان في الأصل
للمكان المطمئن فيشتمل التعريف للمجاز و هو أقرب انتهى. و الآمدي قال: إنّ الظاهر
ما دلّ دلالة ظنية بالوضع أو بالعرف فيخرج المجاز عن الحدّ. و ذكر الغزالي في
المستصفى أنّ الظاهر هو الذي يحتمل التأويل و النّص هو الذي لا يحتمله كذا في كشف
البزودي.
فائدة:
حكم الظاهر و النّص عند الحنفية وجوب العمل بما ظهر منهما قطعا و
يقينا. و أمّا احتمال المجاز فغير معتبر لأنّه احتمال غير ناشئ عن دليل. و أما عند
تعارضهما فالنّص أرجح لأن الاحتمال الذي في الظاهر تأيّد بمعارضة النّص.
و عند الشافعية وجوب العمل و اعتقاد حقية المراد لا ثبوت الحكم قطعا
و يقينا، لأنّ الاحتمال و إن كان بعيدا قاطع لليقين. فالحنفية أخذوا القطع بمعنى
ما يقطع الاحتمال الناشئ عن دليل، و الشافعية أخذوا القطع بمعنى ما يقطع الاحتمال
أصلا.