responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي    جلد : 2  صفحه : 1082

وسع العباد فأمرنا أن نوكّل ذلك إلى اللّه تعالى كما في شرح التأويلات‌ [1]. و في المغني معناه العطف كما مر.

فائدة:

الصلاة على النبي واجب شرعا و عقلا.

أمّا شرعا فلقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ‌. و أمّا عقلا فلأنّ استفادة القابل من المبدأ تتوقّف على مناسبة بينهما، و هذه المقدّمة ضرورية مذكورة في براهين العلوم الحقيقية التي لا تتغيّر بتبدّل الملل و الأديان و إن وقع فيها نوع خفاء بالنسبة إلى الأذهان القاصرة. ألا ترى أنّه كلما كانت المناسبة بين المعلّم و المتعلّم أقوى كانت استفادة المتعلّم منه أكثر، و كلّما كان الحطب أيبس كان أقبل للاحتراق من النار بسبب المناسبة في اليبوسة. و لذا كان الأدوية أشدّ تأثيرا في الأبدان المتسخّنة. و لهذه المقدمة أمثلة لا تكاد تنحصر. و لا شك أنّ النّفس الناطقة في الأغلب منغمسة في العلائق البدنية أي متوجّهة إلى تدبير البدن و تكميله بالكلية مكدّرة بالكدورات الطبيعية الناشئة من القوة الشهوية، و ذات المفيض عزّ اسمه في غاية التّنزّه عنها فليست بينهما بسبب ذلك مناسبة يترتّب عليها فيضان كمال. فلا جرم وجب عليها الاستعانة في استفاضة الكمالات من تلك الحضرة المنزّهة بمتوسّط يكون ذا جهتين:

التجرّد و التعلّق، و يناسب بذلك كلّ واحد من طرفيه باعتبار حتى يقبل ذلك المتوسّط الفيض عن المبدأ الفيّاض بتلك الجهة الروحانية التجرّدية، و تقبل النفس منه أي من ذلك المتوسّط الفيض بهذه الجهة الجسمانية التعلّقية؛ فوجب لنا التوسّل في استحصال الكمالات العلمية و العملية إلى المؤيّد بالرئاستين الدينية و الدنيوية، مالك أزمّة الأمور في الجهتين التجرّدية و التعلّقية، و إلى أتباعه الذين قاموا مقامه في ذلك بأفضل الفضائل، أعني الصلاة عليه أصالة و عليهم تبعا، و الثناء عليه بما هو أهله و مستحقّه من كونه سيّد المرسلين و خاتم النبيين، و عليهم بكونهم طيّبين طاهرين عن رجس البشرية و أدناسها. فإن قيل هذا التوسّل إنّما يتصوّر إذا كانوا متعلّقين بالأبدان، و أمّا إذا تجرّدوا عنها فلا، إذ لا جهة مقتضية للمناسبة.

قلنا يكفيه‌ [2] أنّهم كانوا متعلّقين بها متوجّهين إلى تكميل النفوس الناطقة بهمة عالية، فإنّ أثر ذلك باق فيهم. و لذلك كانت زيارة مراقدهم معدّة لفيضان أنوار كثيرة منهم على الزائرين كما يشاهده أصحاب البصائر و يشهدون به.

و قد قال الشيخ عبد الحقّ الدهلوي رحمة اللّه عليه في كتاب: «مدراج النبوّة» في بيان وجوب الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم من قبل أمته: إنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قد أحسن إلينا بهدايتنا، و منحنا الأمل بشفاعته في الآخرة. و لهذا أمرنا سبحانه و تعالى بقضاء حقّه علينا في إحسانه إلينا في الدنيا كما أمرنا بالتقرّب منه و الارتباط الباطني به بسبب رجاء شفاعته في الآخرة، و قد علم اللّه منّا سبحانه العجز عن أداء حقّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم لهدايتنا في الدنيا، و كذلك عدم قدرتنا على تحصيل وسائل القرب من النبي صلّى اللّه عليه و سلّم من أجل نوال شفاعته في الآخرة.

لذلك فإنّه أمرنا بالدّعاء له و الاتّكال على اللّه و الطلب إليه أن يبلّغ عنا نبيه ذلك الدّعاء، و طلب الرحمة كما هو لائق بجنابه و مقامه.


[1] شرح كتاب التأويلات: لعلاء الدين المنصور محمد بن أحمد السمرقندي، ابو بكر (- 538 ه). و كتاب التأويلات هو كتاب تأويلات القرآن للماتريدي (- 333 ه) بروكلمان، ج 6، ص 296- 297

[2] يكفيهم (م)

نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي    جلد : 2  صفحه : 1082
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست