نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 2 صفحه : 1059
تسمّى الجزع و الهلع و هو إطلاق داعي الهوى في رفع الصّوت و ضرب
الخدّ و شقّ الجيوب و غيرها. و إن كان في حال الغنى يسمّى ضبط النفس و تضادّه حالة
تسمّى البطر، و إن كان في حرب و مقاتلة يسمّى شجاعة و يضادّه الجبن.
و ان كان في كظم الغيظ و الغضب يسمّى حلما و يضادّه البرق. و إن كان
في نائبة من نوائب الزمان مضجرة يسمّى سعة الصّدر و يضادّه الضّجر و النّدم و ضيق
النفس. و إن كان في إخفاء كلام يسمّى كتمان النفس و يسمّى صاحبه كتوما.
و إن كان في فضول العيش يسمّى زهدا و يضادّه الحرص. و إن كان على قدر
يسير من المال يسمّى القناعة و يضادّه الشّره. و قد جمع اللّه أقسام ذلك و سمّى
الكلّ صبرا فقال:
وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ[1] أي الفقر، و حين البأس أي المحاربة.
قال القفال [2]: ليس الصّبر هو حمل النّفس على ترك
إظهار الجزع، فإذا كظم الحزن و كفّ النّفس عن إبراز آثاره كان صاحبه صابرا و إن
ظهر دمع عين أو تغيّر لون. و قال عليه السلام «الصّبر عند الصّدمة الأولى» [3]، و هو كذلك لأنّ من ظهر منه في
الابتداء ما لا يعدّ معه من الصابرين ثم ظهر فذلك يسمّى سلوا، و هو مما لا بدّ
منه. قال الحسن: لو كلّف الناس إدامة الجزع لم يقدروا عليه.
فائدة:
قال الغزالي: الصّبر من خواص الإنسان و لا يتصوّر في البهائم لأنّها
سلّطت عليهم الشّهوات و ليس لهم عقل يعارضها، و كذا لا يتصوّر في الملائكة لأنّهم
جرّدوا للشّوق إلى الحضرة الربوبية و الابتهاج بدرجة القرب و لم يسلّط عليهم شهوة
صارفة عنها حتى يحتاج إلى مصادمة ما يصرفها عن حضرة الجلال بجهد آخر. و أمّا
الإنسان فإنّه خلق في الابتداء ناقصا مثل البهيمة ثم يظهر فيه شهوة اللّعب ثم شهوة
النكاح إذا بلغ، ففيه شهوة تدعوه إلى طلب اللذات العاجلة و الإعراض عن الدار
الآخرة، و عقل يدعوه إلى الإعراض عنها و طلب اللذات الروحانية الباقية. فإذا عرف
العارف أنّ الاشتغال عنها يمنعه عن الوصول إلى اللذات صارت صادّة و مانعة لداعية
الشهوة من العمل فيسمّى ذلك الصّدّ و المنع صبرا، انتهى ما في التفسير الكبير.
صبيح الوجه:
[في الانكليزية]Graceful
[في الفرنسية]Gracieux
هو المتحقّق بحقيقة اسم الجواد و مظهريته و لتحقّق رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و سلّم به. روى جابر رضي اللّه تعالى عنه (أنّه ما سئل عنه عليه السلام
شيء قط قال لا. و من استشفع به إلى اللّه لم يرد سؤاله)
[4]، كما أشار إليه أمير المؤمنين علي رضي اللّه تعالى عنه إذا كانت لك
إلى اللّه سبحانه تعالى حاجة فابدأ بمسألة الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و
سلّم ثم اسأل حاجتك فإنّ اللّه أكرم من أن يسأل حاجتين فيقضي أحدهما و يمنع
الأخرى.
و المتحقّق بوراثته في جوده عليه السلام هو الأشعث من الأخفياء الذي
قال فيه عليه
[2] هو محمد بن احمد بن الحسين بن عمر، ابو بكر الشاشي، القفال
الفارقي. ولد عام 429 ه/ 1037 م، و توفي ببغداد عام 507 ه/ 1114 م. لقب بفخر
الاسلام، و كان شيخ الشافعية في عصره بالعراق. درّس بالمدرسة النظامية و له عدة
مؤلفات هامة. الاعلام 5/ 316، وفيات الاعيان 1/ 464، طبقات السبكي 4/ 58.
[3] صحيح البخاري، كتاب الجنائز. باب الصبر عند الصدمة، حديث 60،
2/ 179.
[4] روى جابر (رضي اللّه عنه) انه ما سئل عنه عليه السلام شيء قط
قال لا. رواه مسلم في الصحيح، كتاب الفضائل باب (ما سئل رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و سلّم شيئا قط)، حديث 56، 4/ 1805. بلفظ: ما سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه
و سلّم شيئا قط فقال: لا. أما «و من استشفع به إلى اللّه لم يرد سؤاله» فليس تتمة
للحديث، بل هو من كلام المصنف و قد استدل عليه بقول الامام علي رضي اللّه عنه.
نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 2 صفحه : 1059