نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 1 صفحه : 910
حتى للواجب تعالى و التالي باطل. و أمّا الملازمة فلأنّا كما نعلم
بالضرورة أنّ من الحركات ما هو موجود الآن و منها ما كان موجودا في الماضي و منها
ما سيوجد، نعلم أيضا بالضرورة أنّ اللّه تعالى موجود الآن و كان موجودا و سيوجد، و
لو جاز إنكار أحدهما جاز إنكار الآخر فوجب الاعتراف بهما قطعا. و أمّا بطلان
اللازم فلأنّ الزمان إمّا غير قارّ فلا ينطبق أو قارّ فلا ينطبق على غير القارّ
فاستحال كونه مقدارا للموجودات بأسرها.
فإن قيل نسبة المتغيّر إلى المتغيّر هو الزمان و نسبة المتغيّر إلى
الثابت هو الدهر و نسبة الثابت إلى الثابت هو السّرمد، فالزمان عارض للمتغيّرات
دون الثابتات؛ قلنا هذا لا طائل تحته و قد يوجّه ذلك القول بأنّ الموجود إذا كانت
له هوية اتصالية غير قارّة كالحركة كان مشتملا على متقدّم و متأخّر لا يجتمعان،
فله بهذا الاعتبار مقدار غير قارّ و هو الزمان فتنطبق تلك الهوية على ذلك المقدار،
و يكون جزؤها المتقدّم مطابقا لزمان متقدّم و جزؤها المتأخّر مطابقا لزمان متأخّر،
و مثل هذا الموجود يسمّى متغيّرا تدريجيا، لا يوجد بدون الانطباق على الزمان، و
المتغيّرات الدفعية إنما تحدث في آن هو طرف الزمان فهي أيضا لا توجد بدونه. و أمّا
الأمور الثابتة التي لا تغيّر فيها أصلا لا تدريجيا و لا دفعيا فهي و إن كانت مع
الزمان العارض للمتغيّرات إلّا أنّها مستغنية في حدود أنفسها عن الزمان بحيث إذا
نظر إلى ذواتها يمكن أن تكون موجودة بلا زمان. فإذا نسب متغيّر إلى متغيّر
بالمعيّة و القبلية فلا بد هناك من زمان في كلا الجانبين، و إذا نسب [بهما] [1] ثابت إلى متغيّر فلا بد من الزمان في
أحد جانبيه دون الآخر، و إذا نسب ثابت إلى ثابت بالمعية كان الجانبان مستغنيين عن
الزمان، و إن كانا مقارنين له فهذه معان معقولة [متفاوتة]
[2] عبّر عنها بعبارات مختلفة تنبيها على تفاوتها. و إذا تؤمّل فيها حقّ
التأمّل اندفع ما ذهب إليه أبو البركات من أنّ الزمان مقدار الوجود حيث قال: إنّ
الباري تعالى لا يتصوّر بقاؤه إلّا في زمان و ما لا يكون حصوله في الزمان و يكون
باقيا لا بد أن يكون لبقائه مقدار من الزمان، فالزمان مقدار الوجود.
و قال المتكلمون الزمان أمر اعتباري موهوم ليس موجودا إذ لا وجود
للماضي و المستقبل، و وجود الحاضر يستلزم وجود الجزء، مع أنّ الحكماء لا يقولون
بوجود الحاضر فلا وجود للزمان أصلا، و لأنّ تقدّم أجزائه بعضها على بعض ليس إلّا
بالزمان فيتسلسل، و لأنّه لو وجد لامتنع عدمه بعدمه لكونه زمانيا فيلزم وجوبه مع
تركبه. و عرّفه الأشاعرة بأنّه متجدّد معلوم يقدّر به متجدّد مبهم لإزالة إبهامه،
كما يقال: آتيك عند طلوع الشمس فإنّ طلوع الشمس معلوم و مجيئه موهوم فالزمان غير
متعيّن فربّما يكون الشيء [3] زمانا لشيء عند أحد و يكون الشيء الثاني زمانا للشيء الأول عند
آخر. فقد يقال جاء زيد عند مجيء عمرو و جاء عمرو عند مجيء زيد، و فيه ضعف أيضا.
و إن شئت أن تعلمه مع زيادة تفصيل ما تقدم فارجع إلى شرح المواقف. و قال الإمام
الرازي في المباحث المشرقية [4] إنّ الزمان كالحركة له معنيان: أحدهما أمر موجود في