responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي    جلد : 1  صفحه : 876

الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [1] روي أنّ اليهود قالوا لقريش: اسألوا عن محمد [2] عن ثلاثة أشياء.

فإن أخبركم عن شيئين و أمسك عن الثالثة فهو نبي. اسألوه عن أصحاب الكهف و عن ذي القرنين و عن الروح. فسألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم عنها، فقال عليه السلام غدا أخبركم و لم يقل إن شاء اللّه تعالى. فانقطع الوحي أربعين يوما ثم نزل: وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْ‌ءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ‌ [3] تعالى‌ [4] ثم فسّر لهم قصة أصحاب الكهف و قصة ذي القرنين و أبهم قصة الروح، فنزل‌ وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا. و منهم من طعن في هذه الرواية و قال إنّ الروح ليس أعظم شأنا من اللّه تعالى. فإذا كانت معرفته تعالى ممكنة بل حاصلة فأي معنى يمنع من معرفة الروح. و إنّ مسئلة الروح يعرفها أصاغر الفلاسفة و أراذل المتكلّمين، فكيف لا يعلم الرسول عليه السلام حقيقته مع أنّه أعلم العلماء و أفضل الفضلاء.

قال الإمام الرازي بل المختار عندنا أنهم سألوا عن الروح و أنّه صلوات اللّه عليه و سلامه أجاب عنه على أحسن الوجوه. بيانه أنّ المذكور في الآية أنهم سألوه عن الروح، و السؤال يقع على وجوه. أحدها أن يقال ما ماهيته؟ هو متحيّز أو حالّ في المتحيّز أو موجود غير متحيّز و لا حالّ فيه. و ثانيها أن يقال أ هو قديم أو حادث؟ و ثالثها أن يقال أ هو هل يبقى بعد فناء الأجسام أو يفني؟ و رابعها أن يقال ما حقيقة سعادة الأرواح و شقاوتها؟

و بالجملة فالمباحث المتعلّقة بالروح كثيرة و في الآية ليست دلالة على أنهم عن أي هذه المسائل سألوا: إلّا أنّه تعالى ذكر في الجواب قل الروح من أمر ربي، و هذا الجواب لا يليق إلّا بمسألتين: إحداهما السؤال عن الماهية أ هو عبارة عن أجسام موجودة في داخل البدن متولّدة عن امتزاج الطبائع و الأخلاط، أو عبارة عن نفس هذا المزاج و التركيب، أو عن عرض آخر قائم بهذه الأجسام، أو عن موجود يغاير عن هذه الأشياء؟ فأجاب اللّه تعالى عنه بأنّه موجود مغاير لهذه الأشياء بل هو جوهر بسيط مجرّد لا يحدث إلّا بمحدث قوله‌ كُنْ فَيَكُونُ‌، فهو موجود يحدث من أمر اللّه و تكوينه و تأثيره في إفادة الحياة للجسد، و لا يلزم من عدم العلم بحقيقته المخصوصة نفيه مطلقا، و هو المراد [5] من قوله‌ وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا و ثانيتهما السؤال عن قدمها و حدوثها فإنّ لفظ الأمر قد جاء بمعنى الفعل كقوله تعالى‌ وَ ما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ [6] فقوله‌ مِنْ أَمْرِ رَبِّي‌ معناه من فعل ربي فهذا الجواب يدلّ على أنهم سألوه عن قدمه و حدوثه فقال: بلى هو حادث، و إنّما حصل بفعل اللّه و تكوينه. ثم احتج على حدوثه بقوله‌ وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا يعني أنّ الأرواح في مبدأ الفطرة خالية عن العلوم كلّها ثم تحصل فيها المعارف و العلوم، فهي لا تزال متغيّرة عن حال إلى حال و التغيّر من أمارات الحدوث انتهى.

ثم القائلون بعدم امتناع معرفة الروح اختلفوا في تفسيره على أقوال كثيرة. قيل إنّ الأقوال بلغت المائة. فمنهم من ذهب إلى أنّ‌


[1] الإسراء/ 85.

[2] اسألوا محمدا (م).

[3] الكهف/ 23- 24.

[4] تعالى (- م).

[5] المقصود (م، ع).

[6] هود/ 97.

نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي    جلد : 1  صفحه : 876
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست