نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 1 صفحه : 638
غير مانع عن إجراء اللفظ على ظاهره من غير حذف نحو قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ[1] أي مكان قتال. و المراد مكانا صالحا
للقتال لأنّهم كانوا أخبروا الناس بالقتال و يتغيّرون بأن يتفوّهوا بأنهم لا
يعرفونه، فالعادة تمنع إرادة حقيقة القتال. و من الأدلة الشروع في الفعل نحو: بسم
اللّه الرحمن الرحيم، فيقدّر ما جعلت التسمية مبدأ له قراءة كان أو فعلا. الثاني
أن لا يكون المحذوف كالجزء، فلا يحذف الفاعل و لا نائبه و لا شبهه كاسم إنّ و أخواتها.
الثالث أن لا يكون مؤكّدا لأنّ الحذف مناف للتأكيد لأنه مبني على الاختصار و
التأكيد مبني على الطّول، و من ثمّ ردّ الفارسي على الزّجاج في قوله تعالى قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ[2] أي إن هذان لهما ساحران، فقال الحذف و التأكيد باللام متنافيان.
و أما حذف الشيء لدليل و تأكيده فلا تنافي بينهما لأنّ المحذوف
بالدليل كالثابت. و لذا قال ابن مالك: لا يجوز حذف عامل المصدر المؤكّد.
الرابع أن لا يؤدّي حذفه إلى اختصار المختصر فلا يحذف اسم الفعل دون
معموله لأنه اختصار الفعل. الخامس أن لا يكون عاملا ضعيفا كالجار و الناصب للفعل و
الجازم إلّا في مواضع قويت فيها الدلالة و كثر فيها الاستعمال لتلك العوامل و لا
يجوز القياس عليها. السادس أن لا يكون عوضا عن شيء فلا يحذف ما في أمّا أنت
منطلقا انطلقت، و لا كلمة لا في قولهم افعل هذا أمّا لا، و لا التاء من عدة.
السابع و الثامن أن لا يؤدي حذفه إلى تهيئة العامل للعمل و قطعه عنه، و لا إلى
إعمال العامل الضعيف مع إمكان إعمال العامل القوي.
و للأمر الأول منع البصريون حذف مفعول الفعل الثاني من نحو ضربني و
ضربته زيد لئلّا يتسلّط على زيد ثم يقطع عنه برفعه بالفعل الأول.
و لاجتماع الأمرين امتنع عندهم أيضا حذف المفعول من زيد ضربته لأنّ
في حذفه تسليط ضرب على العمل في زيد مع قطعه عنه و إعمال الابتداء مع التمكّن من
إعمال الفعل، ثم حملوا على ذلك زيدا ضربته أو هل زيدا ضربته، فمنعوا الحذف و إن لم
يؤدّ إلى ذلك.
فائدة:
اعتبر الأخفش في الحذف التدريج حيث أمكن. و لهذا قال في قوله تعالى وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ[3] أنّ الأصل لا تجزئ فيه، فحذف حرف الجر ثم الضمير، و هذه ملاطفة في
الصناعة و مذهب سيبويه أنهما حذفا معا.
فائدة:
الأصل أن يقدّر الشيء في مكانه الأصلي لئلّا يخالف الأصل من وجهين: الحذف
و وضع الشيء في غير محله، فيجب أن يقدّر المفسّر في زيدا رأيته مقدما عليه. و جوز
البيانيون تقديره مؤخرا لإفادة الاختصاص كما قاله النحاة إذا منع منه مانع نحو وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ[4] فإنّ النحاة على أنه يقدّر مؤخرا هاهنا إذ لا يلي أمّا فعل.
فائدة:
ينبغي تقليل المقدّر مهما أمكن لتقلّ مخالفة الأصل، و لذلك كان تقدير
الأخفش في ضربي زيدا قائما ضربه قائما أولى. من تقدير باقي البصريين، و هو حاصل
إذا كان قائما. قال الشيخ عز الدين [5] و لا يقدّر من المحذوفات إلّا