نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 1 صفحه : 54
العلم الرياضي:
هو علم بأحوال ما يفتقر في الوجود الخارجي دون التعقّل إلى المادة
كالتربيع و التثليث و التدوير و الكروية و المخروطية و العدد و خواصه، فإنها أمور
تفتقر إلى المادة في وجودها لا في حدودها، و يسمّى أيضا بالعلم التعليمي و بالعلم
الأوسط و بالحكمة الوسطى كما مرّ. و أصوله أربعة على ما مرّ أيضا، و ذلك لأن
موضوعه الكمّ و هو إما متّصل أو منفصل. و المتّصل إمّا متحرّك أو ساكن، فالمتحرك
هو الهيئة و الساكن هو الهندسة. و المنفصل إمّا أن يكون له نسبة تأليفية أو لا،
فالأول هو الموسيقي و الثاني هو الحساب. ثم إنه يرد على التعريف أنّ العدد الذي هو
موضوع علم الحساب لا يفتقر إلى المادة في الوجود الخارجي أيضا، فإن المفارقات ذوات
أعداد؛ و لذا عدّ صاحب الإشراق [1] الحساب من الإلهي فإن موضوعه و هو العدد من الأقسام الأولية
للموجود، لأن الموجود بما هو موجود صالح لأن يوصف بوحدة و كثرة من غير أن يصير
رياضيا أو طبعيا [2]. و أيضا أنه يبحث في الهيئة عن
الأفلاك مع أنها محتاجة إلى المادة في كلا الوجودين. و أجيب عن الأول بأنه إذا
[كان] [3] يبحث عن العدد من حيث هو في أذهان
الناس و في الموجودات المادية فهو علم العدد و إلّا فلا. و فيه أنّ العدد المأخوذ
بهذه الحيثية لا ينفكّ في كلا الوجودين من المادة. و دفعه بأن يراد بالمادّة
المادّة المخصوصة كالذهب و الخشب و نحوهما على ما تدلّ عليه عبارة الصدري من أنّ
الرياضي علم بأمور ماديّة بحيث لا تحتاج في فرضها موجودة إلى خصوص مادة و استعداد
لا ينفع، و إلّا لزم دخول الطبعي [4] في الرياضي، إذ موضوعه الجسم الطبعي و هو لا يفتقر [5] إلى مادة مخصوصة. و أجيب عن الثاني
بأنّ البحث عن الأفلاك في الحقيقة بحث عن الكرة التي لا تحتاج في التعقّل إلى مادة
مخصوصة و فيه ما مرّ. و لهذا قال صاحب الصدري: الأجود أن تقسم العلوم إلى ما
موضوعه نفس الوجود و إلى ما ليس موضوعه نفس الوجود، فالأول العلم الإلهي، و الذي
ليس موضوعه نفس الوجود إمّا أن يشترط في فرض وقوعه صلوح مادة متخصصة الاستعداد أم
لا. الاول الطبعي [6] و الثاني الرياضي. و هذه طريقة حسنة
لا يلزم منها دخول الحساب في الإلهي.
فائدة
قد اختلف قدماء الفلاسفة في ترجيح أحد من الرياضي و الطبعي [7] على الآخر في الشرف و الفضل، و كلّ قد
مال إلى طرف بحجج مذكورة فيما بينهم. و الحق أنّ الحكم بجزم فضيلة أحدهما على
الآخر غير سديد، بل كلّ واحد أفضل من الآخر من وجه. فالطبعي
[8] أفضل من الرياضي من
[1] الإشراق لشهاب الدين أبي الفتح يحي بن حبش السهروردي المقتول
(- 587 ه) و هي فلسفة كاملة تقوم على الجمع بين الهللينية و الاشراق الزرادشتي
النوراني. من كتبه حكمة الاشراق و الالواح العمادية و هياكل النور ... و في جمع
السهروردي بين فكرة النور الفارسية و الفيض من الافلاطونية المحدثة اخرج مذهبا
خاصا.