responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي    جلد : 1  صفحه : 517

بعيدا من الشارع الإتيان بذلك الحكم. مثال كون العين للتعليل ما قال الأعرابي هلكت و أهلكت فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم «ما ذا صنعت؟ قال: واقعت أهلي في نهار رمضان. فقال أعتق رقبة» [1] الحديث فإنه يدل على أنّ الوقاع علة للاعتاق، فإنّ غرض الأعرابي بيان حكم الوقاع، و ذكر الحكم جواب له ليحصل غرضه لئلّا يلزم إخلاء السؤال عن الجواب و تأخير البيان عن وقت الحاجة فيكون السؤال مقدرا في الجواب كأنه قال: واقعت فكفّر. و لا شك أن الفاء للتعليل، فيحمل عليه.

و الاحتمال البعيد عدم قصد الجواب كما يقول العبد: طلعت الشمس فيقول السّيد اسقني ماء، فإنّ ذلك و إن بعد لكنه ليس بممتنع.

و اعلم أن مثل ذلك إذا أخذ عنه بعض الأوصاف و علل بالباقي سمّي تنقيح المناط.

مثاله في قصة الأعرابي أن يقال كونه أعرابيا لا مدخل له في العلّة، إذ الهندي أيضا كذلك، و كذا كون المحل أهلا فإن الزنا أيضا أجدر به، أو يقال و كونه وقاعا لا مدخل له فبقي كونه إفسادا للصوم فهو العلة. و مثال كون النظير للتعليل قول النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم «و قد سألته الخثعمية أنّ أبي أدركته الوفاة و عليه فريضة الحج فإن حججت عنه أ ينفعه ذلك فقال صلى اللّه عليه و آله و سلم: أ رأيت لو كان على أبيك دين فقضيته كان ينفعه ذلك قالت نعم قال فدين اللّه أحق بأن يقضى» [2]. سألته الخثعمية عن دين اللّه فذكر نظيره و هو دين الآدمي. فنبّه على التعليل به أي كونه علّة للنفع و إلّا لزم العبث، ففهم منه أن نظيره في المسئول عنه و هو دين اللّه كذلك علّة بمثل ذلك الحكم و هو النفع.

و اعلم أنّ مثل هذا يسميه الأصوليون تنبيها على أصل القياس، و فيه كما ترى تنبيه على أصل القياس و على علّة الحكم فيه و على صحة إلحاق الفرع بها.

اعلم أنّ من مراتب الإيماء أن يذكر الشارع مع الحكم وصفا مناسبا له مثل قوله «لا يقضي القاضي و هو غضبان» [3]، فإن فيه إيماء إلى أنّ الغضب علّة عدم جواز الحكم لأنه مشوش للمنظر و موجب للاضطراب، و مثل أكرم العلماء و أهن الجهّال. هذا إذا ذكر الوصف و الحكم كلاهما فإنه إيماء بالاتفاق فإن ذكر أحدهما فقط مثل أن يذكر الوصف صريحا و الحكم مستنبط نحو وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ‌ [4] فإن حل البيع وصف له قد ذكر فعلم منه حكمه و هو الصحة، أو أن يذكر الحكم و الوصف مستنبط، و ذلك كثير منه نحو حرمت الخمر فقد اختلف في أنه هل يكون إيماء، فهو على مذاهب. أحدها كلاهما إيماء. و الثاني ليس‌


[1] اخرجه البخاري في صحيحه، 3/ 318، عن أبي هريره، كتاب الهبة، باب إذا وهب هبة، الحديث رقم 34، و أخرجه أيضا عن أبي هريره، 8/ 259، كتاب كفارات الإيمان، باب من أعان المعسر، الحديث رقم 3، و أخرجه مسلم في صحيحه، 2/ 781، عن أبي هريره، كتاب الصيام (13) ، باب تغليط تحريم الجماع ... (14) ، الحديث رقم 81/ 1111، أوله قال:

جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم، فقال هلكت يا رسول اللّه! قال: و ما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان.

[2] اخرجه مسلم في صحيحه 2/ 804، عن ابن عباس، كتاب الصيام 13، باب قضاء الصيام عن الميت 27، رقم 156.

[3] اخرجه الزبيدي في إتحاف السادة المتقين، 1/ 147، و أخرجه النسائي في سننه، 8/ 247، عن ابي بكرة، باب النهي عن ان يقضي في قضاء (32) ؛ و أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، 10/ 105، عن ابي بكرة، كتاب آداب القاضي، باب لا يقضي و هو غضبان، بزيادة: بين اثنين، و اخرجه مسلم في صحيحه، 3/ 1343، عن عبد الرحمن بن ابي بكرة، كتاب الأقضية (30) ، باب نزاهة قضاء القاضي .. (7) الحديث رقم 16/ 1717، بلفظ: «لا يحكم احد بين اثنين و هو غضبان»

[4] البقرة/ 275.

نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي    جلد : 1  صفحه : 517
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست