نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 1 صفحه : 133
طرفي المقدور بالوقوع في وقت معين، و الميل المذكور ليس إرادة، فإن
الإرادة بالاتفاق صفة مخصّصة لأحد المقدورين بالوقوع، و ليست الإرادة مشروطة
باعتقاد النفع أو بميل يتبعه، فإن الهارب من السبع إذا ظهر له طريقان متساويان في
الإفضاء إلى النجاة فإنه يختار أحدهما بإرادته و لا يتوقف في ذلك الاختيار على ترجيح
أحدهما لنفع يعتقده فيه و لا على ميل يتبعه انتهى. و في البيضاوي و الحق أنّ
الإرادة ترجيح أحد مقدوريه على الآخر و تخصيصه بوجه دون وجه، أو معنى يوجب هذا
الترجيح، و هي أعم من الاختيار، فإنه ميل مع تفضيل انتهى. أي تفضيل أحد الطرفين
على الآخر كأنّ المختار ينظر إلى الطرفين و المريد ينظر إلى الطرف الذي يريده، كذا
في شرح المقاصد [1]. و المراد من الميل مجرّد الترجيح لا
مقابل النفرة.
و قال الخفّاجي في حاشيته ما حاصله: إن هذا مذهب أهل السنّة، فهي صفة
ذاتية قديمة وجودية زائدة على العلم و مغايرة له و للقدرة.
و قوله بوجه الخ، احتراز عن القدرة، فإنّها لا تخصّص الفعل ببعض
الوجوه، بل هي موجدة للفعل مطلقا، و ليس هذا معنى الاختيار كما توهم، بل الاختيار
الميل أي الترجيح مع التفضيل، و هو أي التفضيل كونه أفضل عنده ممّا يقابله لأن
الاختيار أصل وضعه افتعال من الخير. و لذا قيل: الاختيار في اللغة ترجيح الشيء و
تخصيصه و تقديمه على غيره و هو أخصّ من الإرادة و المشيئة. نعم قد يستعمل
المتكلمون الاختيار بمعنى الإرادة أيضا حيث يقولون إنه فاعل بالاختيار و فاعل
مختار. و لذا قيل: لم يرد الاختيار بمعنى الإرادة في اللغة، بل هو معنى حادث، و يقابله
الإيجاب عندهم، و هذا إمّا تفسير لإرادة اللّه تعالى أو لمطلق الإرادة الشاملة
لإرادة اللّه تعالى؛ و على هذا لا يرد عليه اختيار أحد الطريقين المستويين، و أحد
الرغيفين المتساويين للمضطر لأنّا لا نسلّم ثمّة أنّه اختيار على هذا، و لا حاجة
إلى أن يقال إنه خارج عن أصله لقطع النظر عنه. و قد أورد على المصنّف أنّ الإرادة
عند الأشاعرة الصفة المخصّصة لأحد طرفي المقدور و كونها نفس الترجيح لم يذهب إليه
أحد. و أجيب بأنه تعريف لها باعتبار التعلّق، و لذا قيل: إنها على الأول مع الفعل
و على الثاني قبله، أو أنه تعريف لإرادة العبد انتهى.
ثم اعلم أنّه قال الشيخ الأشعري و كثير من أصحابه: إرادة الشيء
كراهة ضدّه بعينه، و الحق أن الإرادة و الكراهة متغايرتان، و حينئذ اختلفوا، فقال
القاضي أبو بكر [2] و الغزالي: إنّ إرادة الشيء مع
الشعور بضدّه يستلزم كون الضدّ مكروها عند ذلك المريد، فالإرادة مع الشعور بالضدّ
مستلزمة لكراهة الضدّ، و قيل لا تستلزمها، كذا في شرح المواقف.
و عند السالكين هي استدامة الكدّ و ترك الراحة كما في مجمع السلوك.
قال الجنيد [3]:
الإرادة أن يعتقد الإنسان الشيء ثم يعزم عليه ثم
[1] شرح مقاصد الطالبين في علم أصول الدين لسعد الدين مسعود بن
عمر بن عبد اللّه التفتازاني (- 792 ه) و هو في علم الكلام شرح فيه كتابه مقاصد
الطالبين شرحا وافيا. الآستانة 1277 ه [1- 2] و بهامشه متن المقاصد. معجم
المطبوعات العربية 637- 638.
[2] ابو بكر الباقلاني، محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر، ولد في
البصرة عام 338 ه/ 950 م، و توفي في بغداد عام 403 ه/ 1013 م. قاض، من كبار علماء
الكلام الأشعري. ناظر علماء النصارى و له العديد من المؤلفات الهامة.
الاعلام 6/ 176، معجم المفسرين 2/ 542، وفيات الأعيان 1/ 481، قضاة
الأندلس 37، تاريخ بغداد 5/ 379، دائرة المعارف الاسلامية 3/ 294، الديباج المذهب
267، تبيين كذب المفتري 217، الوافي بالوفيات 3/ 177.
[3] هو الجنيد بن محمد بن الجنيد البغدادي الخزاز، ابو القاسم.
ولد و مات ببغداد عام 297 ه/ 910 م. صوفي عالم
نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 1 صفحه : 133