نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 0 صفحه : 28
المصطلح و دراسة المبنى:
و لا غرو من القول إن المصطلح لا يقف عند مسألة الدلالة و ارتباط
الاسم بالمعنى بل يطال دراسات المعنى و التركيب اللغوي. و لعلّ لفظ المبنى مرتبط
بالبنية و مفاهيم التركيب الصوري للغة. إذ إنّ اللغة أشكال عناصرها الحروف، و
الأصوات تتركب على نظم معين، و في أنساق محددة، لتتميّز بنمط ما.
و المبنى متعلّق بالبيان، حيث يردّ اللفظ إلى بين و يدلّ على [1]:
- الظهور و الوضوح. و ظهور الشيء يعقب تمايزه من غيره و انفصاله
عنه، و لا سيما إذا علمنا أن (بين) على وزن (عين) يفيد الفصل، و البعد، و الفرقة،
و منها المباينة.
- القدرة على التبليغ و الفصاحة، فبعد الظهور تأتي فصاحة اللسن، و
الافصاح مع الذكاء، و إظهار المقصود بأبلغ لفظ.
- تميّز الإنسان بفصل و مقوّميّة، فقد ورد في القرآن الكريم: خَلَقَ الْإِنْسانَ، عَلَّمَهُ الْبَيانَ
الرحمن/ 3- 4، فبعد الخلق، فصل الإنسان عن سواه بالبيان
[2].
فالبيان التميّز و الظهور و البلاغ فالاتصال. و قد اختصر الجاحظ دور
البيان قائلا:
«المعاني القائمة في صدور الناس ... مستورة خفية ... و إنما يحي تلك
المعاني ذكرهم لها، و إخبارهم عنها، و استعمالهم إيّاها ... و على قدر وضوح
الدلالة و صواب الإشارة و حسن الاختيار و دقة المدخل يكون إظهار المعنى» [3]. ثم إن الإعراب هو الإبانة عن المعنى.
إن النحو منطق العربية، ففيه يتبيّن وجه تصرف الألفاظ في المعاني [4]. إنّ العلوم البيانية العربية قد كشفت
عن منطق داخلي فيها، و ذلك حينما دفع بها تطورها الذاتي إلى أن تصل إلى ما وصلت
إليه. فالتعقيدات و التفنينات التي جاءت على يد اللغويين لم تكن خنقا للحياة في
اللغة، بل كان لا بدّ من الكشف عن النظم البنيوي لهذه اللغة. إنّ هذه العملية
تسمّى عقل اللغة و البيان.
و هذا ما حدث عند ما تم ضبط علم الصرف و الاشتقاق، و علم المعاني و
البيان و علم النحو. كما إن «تتّبع تراكيب الكلام الاستدلالي و معرفة خواصها مما
يلزم صاحب علم
[2] ابن منظور، لسان العرب، مادة بين. و الزمخشري، أبو القاسم،
الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل و عيون الأقاويل في وجوه التأويل، بيروت، دار
الكتاب العربي، ج 4، ص 443.
[3] الجاحظ، البيان و التبيين، بيروت، احياء التراث، ج 1، ص 56.