نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 0 صفحه : 21
و الجواب أنّ هذا الحجاج يمدّنا بمعطيات معرفية و توجهات فلسفية،
تجعلنا ندرك تماما فعل المصطلح و أثره في تحريك المعاني في الذهن و دور اللغة في
كل ذلك و أثرها. إذ إن المصطلح، على الرغم من كونه في معظم الأحيان، يأتي مفردا، و
لفظا واحدا من غير سياق في الجملة؛ إلا أنه كاسم، اتفق على أن له دلالات متعدّدة و
معاني منتشرة يضع أسبقية اللفظ على المعنى من وجهة نظر المنتصرين لفعل اللغة؛ و
يحرك في الذهن المعاني الوافدة و المحصّلة بالابداع في اطار بنية و سلطة اللغة.
هذه اللغة المعاشة القابعة في اللاوعي المعرفي و اللامفكر به. و لعلّ كل ذلك يرتبط
ارتباطا وثيقا بعملية التحديث لأغلبية الجمهور. فالإنسان يفكر من خلال مداخل لغته
و يستسيغ و يهضم و يتعلم بلغته المعاشة و بشكل أسهل و أسرع؛ من غير أن يعني ذلك عدم
مشاركته في لغات العلم و الابداع عند الآخر. إلا أن هذه المشاركة تبقى خارج البنية
المعرفية و الذهنية للجمهور، مما يضعنا أمام المأزق الحضاري الذي أثرناه سابقا.
دلالة المصطلح عربيا:
و لا ضير من بعض السبر و الحفر في دلالة المصطلح عربيا، لعلّ ذلك
يمدّ القارئ بأبعاد و آفاق و يكشف الستر عن سيرورة في عمر اللفظ و بنائه.
إن جذر اللفظ (مصطلح) من: صلح: و الصلاح ضد الفساد. و ربما كنّوا
بالصالح عن الشيء الذي هو إلى الكثرة. فيقال: مغرت في الأرض مغرة من مطر. و هي
مطرة صالحة.
إن جذر اللفظة له دلالة حسية عند العربي تشير إلى المواجه للفساد و
الانحلال، أي التنبّت، و من التنبّت تتشعب معاني الخصب و الحياة و الاستمرار و
البقاء.
ثم استخدم اللفظ على معنى مجرد عند ما انبرى اللغويون إلى تقعيد
اللغة، لكن هذا المعنى الذي أشار إلى البقاء و الاستمرار عندهم ظل له علاقة ما مع
الدلالة الحسية. مثال ذلك: يقول بعض النحويين، كأنّه ابن جني، أبدلت الياء من
الواو ابدالا صالحا: أي أبقى و أكثر قابلية للحياة في الاستعمال اللغوي.
و من ثمّ أخذت اللفظة مجراها في الاشتقاق فأضحت «الاصطلاح» من افتعال
وزنا. و وزن افتعال يحمل في دلالته معنى تدخل الإنسان و مهارته العقلية في الفعل،
إذ يقال: اصطناع، اقتسام. و الاصطلاح حديثا: العرف الخاص، أي اتفاق طائفة
نام کتاب : كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم نویسنده : التهانوي، محمد علي جلد : 0 صفحه : 21