نام کتاب : كتاب السياسة نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 6
و يبث كلابة في اقطارها ليحرسها من السباع العادية و من الآفات
الطارقة من السرق و الغارة و النهب و ان يختار لها المشتى الدفيء و المصيف الريح
و يرود لها في طلب الكلاء و النطف [1] العذاب و ان يتحيّن وقت عملها و ان يترقّب حين نتاجها و يلزمه بعد
ذلك ان يسوقها الى مصالحها و يصرفها عن متألفها بنعيقه و صفيره و بزجره و وعيده.
فان كفاه ذلك في حسن انقيادها و استقامة ضلعها و الّا اقدم عليها بعصاه. كذلك يلزم
ذا الاهل و الولد و الخدم و التّبع معها يحق عليه من حفظهم و حياطتهم و من تحمّل
مؤنهم و إدرار اوراقهم إحسان سياستهم و تقويمهم بالترغيب و الترهيب و بالوعد و
الوعيد و بالتقريب و التبعيد و بالاعطاء و الحرمان حتى تستقيم له قناتهم فهذه
اقاويل مجملة في وجوب السياسة و الحاجة اليها و سنتبعها بامثلة مفسرة في ابواب
مفصّلة بعد ان نقدّم قبلها بابا في سياسة الرجل نفسه فان ذلك احسن في النظم و ابلغ
في النفع ان شاء اللّه تعالى
1 في سياسة الرجل نفسه
ان اول ما ينبغى ان يبدأ به الانسان من أصناف السياسة سياسة نفسه اذ
كانت نفسه اقرب الأشياء اليه و اكرمها عليه و اولاها بعنايته و لانه متى احسن
سياسة نفسه لم يعي بما فوقها من سياسة المصر. و من اوائل ما يلزم من رام سياسة
نفسه ان يعلم ان له عقلا هو السائس و نفسا امّارة بالسوء كثيرة المعايب جمّة
المساوئ في طبعها واصل خلقها هي المسوسة (r 56( و ان يعلم ان كل من راء اصلاح فاسد لزمه ان
يعرف جميع فساد ذلك الفاسد معرفة مستقصاة حتى لا يغادر منه شيئا ثم يأخذ في اصلاحه
و الّا كان ما يصلحه غير حريز و لا وثيق. كذلك من رام سياسة نفسه و رياضتها و
اصلاح فاسدها لم يجز له ان يبتدئ في ذلك حتى يعرف جميع مساوئ نفسه معرفة محطية
فانه ان اغفل بعض تلك المساوئ و هو يرى انه قد عمّها بالاصلاح كان كمن يدمل ظاهر
الكلم و باطنه مشتمل على الداء. و كما ان الداء اذا قوي على الاعمال و طول الترك
نقض الاندمال و قذف الجلد حتى يبدو لعين الناظر. كذلك العيب الواحد من معايب النفس
اذا أغفل عنه كامنا حتى اذا لاح له وجه ظهور طلع مكتمنه آمن ما كان