نام کتاب : شرح تشريح القانون نویسنده : ابن نفيس جلد : 1 صفحه : 40
للبناء [1]
لأن الأساس يبنى أولا ثم يبنى عليه باقى أجزاء البناء، و كذلك هذا العظم فى البدن.
و لقائل أن يقول: إنكم قد [2] بينتم أولا أن العظام كلها كالأساس و الدعامة، فلم جعلتم ذلك هاهنا
خاصا بهذا الصنف منها؟
قلنا: الذى اختص به هذا الصنف أنه كالأساس و الدعامة لجميع البدن، و
أما سائر العظام، فإنما هى كذلك للأعضاء التى تكون فيها.
و ثانيها: أن من [3] العظام ما قياسه من البدن قياس المجن و الوقاية كعظام [4] اليافوخ، و سبب ذلك أن الدماغ احتيج
أن يكون موضعه فى أعلى البدن لما نذكره بعد. و جوهره شديد اللين، فيكون شديد
القبول للتضرر بما [5]
يلاقيه، و لو بأدنى ضغط فاحتيج أن يكون مصونا عن ملاقاة ما يصل إليه من جميع
الجهات، و إنما يمكن ذلك بأن يحوط من جميع النواحى. و لا يمكن أن يكون ذلك بعضو
لين، و إلا لم يكن له غنى فلا بد و أن يكون بعضو صلب يشتمل عليه من كل جهة، و ذلك
هو عظام الرأس.
فيكون الغرض الأقصى فى خلقة هذه العظام هو أن تكون كالجنة للدماغ. و
هذه المنفعة [6] ليست بالذات للبدن كله، و لا كذلك
منفعة الصلب ( « [ (إذ هى منفعة بالذات للبدن كله كما بان عن أنها أساس للبدن
بجملته)]») و هذه العظام للدماغ كالأضلاع للقلب.
و لقائل أن يقول: ما السبب فى خلقة هذه العظام متصلة لا فرج بينها
بخلاف الأضلاع مع أن القلب أشرف، فكان ينبغى أن تكون جنته أشد صونا قلنا: السبب فى
ذلك أمران:
أحدهما أن الأضلاع موضوعة حيث ينالها الحس، و لا كذلك الرأس فإنه
غائب عن حراسة الحواس، فاحتيج أن يكون الاحتياط فى توقيته أكثر.
و ثانيهما: أن الصدر احتيج فيه إلى حركة انبساط و انقباض بإرادة ليست
طبيعية كما بيّناه. و إنما يتم ذلك بخلقة العضل. و يحتاج أن تكون هذه العضلات
كبيرة جدا و كثيرة [7]
لأن هذه الحركة عسرة، فلو جعلت عظام الصدر متصلة ببعضها البعض [8] لاحتيج إلى خلقة تلك العضلات فوقها، و
كان يلزم ذلك زيادة الثقل و الثخن، فاحتيج أن يكون بين عظامه فرج يتخللها العضل.
(/ ( « [و اعلم أن لتخلل العضلات بين الأضلاع منفعة أخرى و هى تحلل
البخارات]»)/) و ثالث الأقسام الخمسة المذكورة: أن من العظام ما قياسه من البدن
قياس