نام کتاب : شرح تشريح القانون نویسنده : ابن نفيس جلد : 1 صفحه : 399
من بطانة المعاء الغلاظ. فإن هذه الأمعاء تحتاج أن تقوى على تمديد ما
ييبس فيها من الثفل و يغلظ جدا.
قوله: و ألينها عند فم المعدة إنما كانت بطانة المعدة عند فمها ألين
لأن هذا الموضع منها يحتاج أن يكون حسه قويا ليشتد إدراكه للجوع و إنما يكون كذلك
إذا كان جرمه إلى لين ليكون أقبل للانفعال الذى به الحس.
قوله: أكثر لحمية مما للمعدة إنما كان كذلك لأن المعدة مع حاجتها إلى
قوة الهضم فإنها محتاجة إلى قوة الحس فلذلك احتيج أن يكون جرمها أقرب إلى
الاعتدال [1] فلذلك لم يحتج إلى تكثير اللحم فيها [2] خاصة و السخونة المعينة على هضمها
يتوجه إليها [3] كثيرا من مجاورتها من الأعضاء و لا
كذلك المرىء فإنه مع حاجته إلى قوة الهضم (غير محتاج إلى قوة الحس) لأن الغذاء
ينهضم فيه فى زمان قصير جدا و ذلك فى [4] مدة نفوذه فى تجويفه و لا كذلك المعدة فإن الغذاء يبقى فيها زمنا
طويلا حتى ينهضم فلذلك احتيج أن يكون هضم المرىء قويا و مع ذلك هو غير محتاج إلى
قوة الحس بل يلزمه لأجل زيادة تضرره بلذع الأغذية اللذاعة و نحوها و مع ذلك فليس
له من خارج معين على تقوية حرارته الهاضمة إلا بما يقرب منه من القلب و أما غير
ذلك من أجزائه فإن أكثر الأعضاء المجاورة له باردة و إلى يبوسة فلذلك احتيج أن
يكون الجوهر اللحمى فى المرىء إذا قيس إلى باقى جرمه أكثر منه إذا قيس لحم المعدة
إلى باقى جرمها.
و أما جرم الأمعاء فيخلو عن اللحمية البتة. و ذلك لأن اللحمية فيه و
أن إفادته هضما يكمل فيه الهضم المعدى و يزيد فى استعداده للهضم الكبدى فإن اللحم
يضيق مسامه فلا يسهل رشح [5] ما يرشح منه من الغذاء و لا نفوذ ما ينفذ إلى
[6] داخله من الفضلات التى يقطر من الأعضاء الأخر فإن الحق أن نفوذ
الغذاء من الأمعاء إلى الكبد و غيرها من الأحشاء إنما هو على طريق الرشح. و من
هناك يدخل كثير منه إلى داخل العروق التى هى عندنا كالأصول للعرق المسمى بالباب. و
هى التى فى الثرب و غيره. و ذلك ما يقع على الأمعاء من الفضول [7] و من الأجسام المنقطعة عن الأعضاء
الأخر فإنه ينفتح له مسام الأمعاء و ينفذ فيها ذلك الجرم إلى داخل الأمعاء ثم يخرج
من المخرج و كذلك خروج القطع اللحمية من الكبد و الكلى و نحوها فى الإسهالات و
نحوها. إنما هو بهذا الطريق.
و أما الأمعاء و المعدة يتصل بجرمها عروق تنفذ إلى داخل هذه الأعضاء
و تأخذ منها صفاوة الغذاء فذلك عندنا [8] مما لا يصح.