نام کتاب : رسالة في النفس و بقائها و معادها نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 176
الفصل العاشر فى إثبات جوهر عقلى مفارق للأجسام يقوم للنفوس
البشرية مقام الضوء للبصر و مقام الينبوع و إثبات أن النفوس إذا فارقت الأجساد
اتحدت به
الجوهر العقلى نجده فى الأطفال خاليا عن كل صورة عقلية، ثم نجد فيه
المعقولات البديهية من غير تعلم و لا تروية، فلا يخلو إما أن يكون حصولها فيه
بالحس و التجربة، و إما أن يكون بفيض إلهى يتصل. و لكن لا يجوز أن يكون حصول هذه
الصورة العقلية الأولى بالتجربة، إذ التجربة لا تفيد حكما ضروريا، إذ لا تؤمن وجود
شيء مخالف لحكم ما أدركته، فإن التجربة و إن أرتنا أن كل حيوان أدركناه يحرك عند
المضغ فكه الأسفل فلم تفدنا حكما يقينيا أن جميع الحيوان هذا حاله. و لو كان ذلك
صحيحا لما جاز أن يوجد التمساح يحرك فكه الأعلى عند مضغه. فإذن ليس كل حكم وجدناه
فى أشياء بالإدراك الحسى نافذ فى جميع ما أدركناه منها، و ما لم ندرك. بل يمكن أن
ما لم ندرك خلاف ما أدركناه، فتصورنا أن الكل أعظم من الجزء ليس لأنا أحسسنا لكل
جزء؛ و كلّ كلّ هذا حاله، إذ ذلك لا يؤمننا أن يكون كلّ و جزء خلاف هذا. و كذلك
القول فى امتناع اجتماع النقيضين على شيء واحد، و كون الأشياء المساوية لشيء
واحد متساوية فى أنفسها.
و كذلك القول فى تصديقنا بالبراهين إذا صحت، فإن اعتقاد صحتها ليس
يصح بتعلم، و إلا فذلك يتمادى إلى ما لا يتناهى؛ و لا ذلك مستفاد من الحس لما
ذكرناه. فهو إذن و الأول مستفادان من فيض إلهى متصل بالنفس النطقية، و تتصل بها
النفس النطقية، فتحصل فيها هذه الصورة العقلية. و هذا الفيض ما لم يكن له فى ذاته
هذه الصورة العقلية الكلية لم يمكن أن ينقشها فى النفس الناطقة، فإذن هى فى ذاته.
و أى ذات فيه صورة عقلية فهى جوهر
نام کتاب : رسالة في النفس و بقائها و معادها نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 176