نام کتاب : شرح عيون الحكمة نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 3 صفحه : 46
و اذا ثبت هذا، وجب إسقاطه. و حينئذ يبقى مجرد قوله:
«السبب: هو كل ما يتعلق به وجود الشىء» (قول) [1] مختل. لأن لفظة التعلق لفظة مجملة
مشتركة بين أمور كثيرة. و مثل هذا اللفظ لا يجوز استعماله فى التعريفات. و أما
التعريف المذكور فى الحدود، فانه بحث سقط عنه امتناع الدور. و حينئذ يبقى مجرد
قوله: «العلة كل ذات وجود ذات أخرى منه» يصير حاصل الكلام (منه) أنه أبدل لفظة
«العلة» بلفظة «من» و هذا باطل من وجهين:
الأول: ان أبدال لفظ بلفظ ليس من باب التعريفات الحقيقية.
الثاني: أن لفظة «من» مشتركة بين ابتداء الغاية و بين التبعيض و بين
التبيين.- على ما هو مذكور فى النحو- و لا يمكن حمله فى هذا الموضع الا على ابتداء
الغاية. ثم ابتداء الغاية أقسام كثيرة. كالابتداء من الزمان، و من المكان، و من
القابل، و من المؤثر. و لا شك أن المراد هنا ليس الا الابتداء من المؤثر، فيصير
هذا التعريف ابدالا للفظة الموضوعة لمعنى معين، بلفظة مشتركة بين مفهومات كثيرة. و
معلوم أن ذلك باطل.
و الأقرب عندى أن يقال: قد سمعت أن هنا علة صورية- و هى جزء الشىء
الذي يجب حصول الشىء عند حصوله- و علة مادية- و هى الجزء الذي به يحصل إمكان
الشىء- و علة فاعلية- و هى التي تؤثر فى وجود الشىء- و علة غائية- و هى التي كان
لأجلها الشىء- و القدر المشترك بينها- (و هو) أنه الذي يحتاج اليه الشىء- و
اعلم: أن حاجة الشىء الى غيره، قد تكون فى ماهيته. و هى كاحتياج الشىء الى جزئه
الصورى و جزئه المادى. و جزؤه المادى قد يحتاج الى شىء فى وجوده فقط- و هو السبب
الفاعل و الغائى- و القدر المشترك بين الكل هو قولنا: انه محتاج اليه. فان قيل:
فالشرط أيضا محتاج اليه. قلنا: الشرط فى الحقيقة عبارة عن جزء العلة.
و نحن فى هذا الموضع لا نفرق بين العلة التامة و بين جزء العلة.