نام کتاب : شرح عيون الحكمة نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 3 صفحه : 32
القول بوجود هذه الصور النوعية: بأن الأجسام اما أن تكون قابلة
للاشكال المختلفة، أو غير قابلة لها. فان كانت قابلة لها فقبولها اما أن يكون بعسر
أو بسهولة. فالأجسام متساوية فى الجسمية و مختلفة فى هذه الأحوال.
و المقتضى لهذه الأحوال ليس هو الجسمية، لأن الجسمية معنى واحد، و
المعنى الواحد لا يكون علة للأحوال المختلفة. فلا بد من معنى آخر. و ذلك المعنى
اما أن يكون حاصلا فى ذلك الجسم، أو مباينا عنه. و المباين اما أن يكون جسما أو
جسمانيا، أو لا جسما و لا جسمانيا. و محال أن يكون ذلك لأجل أمر مباين عنه، سواء
كان جسما أو جسمانيا، و محال أن يكون ذلك لأجل أمر مباين عنه، سواء كان جسما أو
جسمانيا، أو لا جسما و لا جسمانيا. فتعين أن يكون ذلك لقوة موجودة فيه. و هو
المطلوب.
هكذا تتم هذه الحجة، الا أن «الشيخ» حذف هذه المقدمات، مع أن الكلام
لا يتم الا بها.
و لقائل أن يقول: السؤال على هذه الحجة من وجوه:
الأول: لم لا يجوز أن يكون اختصاص كل واحد من هذه الأجسام بهذه
الاحوال لجسميته؟ أما قوله: الجسمية معنى واحد، و المعنى الواحد لا يوجب الأحوال
المختلفة. فنقول: لا نسلم أن الجسمية معنى واحد.
و بيانه: هو أن الجسم ما يقبل الأبعاد الثلاثة. و المعلوم منه عندنا:
كونه قابلا للأبعاد، و لا يلزم من اشتراك جميع الأجسام فى هذه القابلية، اشتراكها
فى الماهيات التي حكم عليها بهذه القابلية، لما ثبت أنه لا يمتنع فى العقل أن تكون
الماهيات المختلفة مشتركة فى اللوازم. و اذا كان الأمر كذلك، فحينئذ لم يعلم كون
الأجسام متماثلة فى حقائقها، متساوية فى ذواتها فقط. و كلامكم [8] من هذا الوجه.
السؤال الثاني: أن الأجسام كما أنها مع اشتراكها فى الجسمية مختلفة
فى هذه الصفات و الأعراض، فهى أيضا مختلفة فى تلك الصورة، التي زعمتم أنها المبدأ [9] لهذه الأعراض، فوجب أن يكون اختصاصها
بتلك الصورة صورة أخرى. فيلزم اما الدور و اما التسلسل. و الكل محال.