نام کتاب : النجاة نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 692
و اما أنه كم ينبغى أن يحصل عند نفس الانسان من تصور المعقولات، حتى
تجاوز به الحد الذي فى مثله تقع هذه الشقاوة، و فى تعديه و جوازه ترجى [1] هذه السعادة؛ فليس يمكننى أن أنص عليه
نصا الا بالتقريب.
و أظن: ان ذلك أن يتصور الانسان المبادئ المفارقة تصورا حقيقيا، و
يصدق بها تصديقا يقينيا، لوجودها عنده بالبرهان؛ و يعرف العلل الغائية للامور
الواقعة فى الحركات الكلية دون الجزئية، التي لا تتناهى؛ و يتقرر عنده هيئة الكل،
و نسب أجزائه بعضها الى بعض، و النظام الاخذ من المبدأ الأول الى أقصى الموجودات
الواقعة فى ترتيبه؛ و يتصور العناية، و كيفيتها؛ و يتحقق ان الذات المتقدمة للكل،
أى وجود يخصها، و أية وحدة تخصها، و انها كيف تعرف، حتى لا يلحقها تكثر. و تغير [2] بوجه من الوجوه، و كيف ترتبت [3] نسبة الموجودات اليها. ثم كلما ازداد
الناظر استبصارا، ازداد [4]
للسعادة استعدادا.
و كأنه ليس يتبرأ الانسان عن هذا العالم و علائقه، الا ان يكون أكد
العلاقة مع ذلك العالم، فصار له شوق الى ما هناك، و و عشق لما هناك، فصده [5] عن الالتفات الى ما خلفه جملة.
و نقول: أيضا ان هذه السعادة الحقيقية لا تتم الا باصلاح الجزء
العملى من النفس. و نقدم لذلك مقدمة، و كانا قد ذكرنا ها فيما سلف