نام کتاب : المبدا و المعاد نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 96
و لنعد إلى القوى الحسيّة، فنقول إنّ السمع و البصر خلقا لادراك ما
بعد، و اللمس لادراك ما قرب، و الشمّ و الذوق لتمييز الغذاء. و فنطاسيا ليستدلّ من
محسوس على محسوس. حتّى إن قصر الشمّ و الذوق فى الدلالة على الغذاء مثلا دلّ عليه
اللون، لأنّ الحاسّ الأوّل يكون قد عرف هو أنّ هذا اللون هو لهذا الطعم إذا اجتمع
عنده صورة اللون و الطعم معا. و الخيال ليحفظ ذلك، فلا يحتاج فى كلّ وقت إلى
تجربة. و الوهم ليدرك ما لا بدّ منه من معان غير محسوسة. و الذكر لئلا يحتاج الوهم
دائما إلى تجربة. و المخيّلة ليستعيد الوهم بها ما زال عن الذكر او تستنبط ما ليس
يذكر بعرض صورة خياليّة مركّبة و مفصّلة ليوافق الذي من شأنه أن يتبعه ذلك المعنى،
فيحصل له ذلك المعنى المطلوب.
[فصل 4] فى تكوّن الانسان و قوى نفسه و تعريف العقل الهيولانى
فاذا امتزجت العناصر امتزاجا قريبا جدّا من الاعتدال حدث الانسان، و تجتمع
فيه جميع القوى النباتيّة و الحيوانيّة، و تزداد نفسا تسمّى ناطقة. و لها قوّتان:
قوّة مدركة عالمة، و قوّة محرّكة عاملة.
و القوّة المدركة العالمة تختصّ بالكليّات الصرفة، و القوّة المحرّكة
العاملة تختصّ بما من شأن الانسان أن يعمله، فيستنبط الصناعات الانسانيّة و يعتقد
القبيح و الجميل فيما يفعل و يترك. كما أنّ النظريّة تعتقد الحقّ و الباطل فيما
ترى.
و لكلّ واحدة من القوّتين ظنّ و عقد. و الظنّ ضعف فعل، و العقد قوّة
فعل.
و القوّة العاملة متشبّهة بالعادات، مروية فى الصنائع، مختارة للخير
او ما يظنّ خيرا فى العمل. و لها الجربزة و الغباوة و الحكمة العمليّة المتوسّطة
بينهما، و بالجملة جميع الافعال الانسانيّة، و تستعين كثيرا بالقوّة النظريّة،
فيكون عند النظرىّ الرأى الكلىّ و عند العملىّ الرأى الجزئىّ المعدّ نحو المعمول.
و أمّا القوّة النظريّة فلها مراتب، فأوّل مراتبها أن يكون تهيّؤا
للنفس،
نام کتاب : المبدا و المعاد نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 96