نام کتاب : المبدا و المعاد نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 94
و لا يحسّ البتّة. مثل انسان طائر، و شخص نصفه انسان و نصفه شجرة.
و تتلو هذه القوى قوّة الوهم، و هى التي تدرك فى المحسوسات معانى غير
محسوسة. و الدليل على أنّ فى الحيوان مثل هذه القوّة أنّ الشاة إذا رأت الذئب خافت
و هربت، فقد أدركت لا محالة صورته و شخصه و أدركت عداوته و مضادّته؛ و إذا رأت
السخلة التي ولدتها حنّت، فقد رأت إذن شخصها و أدركت ملائمتها. و كذلك الحيوان
يميّز أليفه و المحسن اليه و يقصد متابعته و يدرك مضادّة المسيء إليه من الناس
فيهرب منه و يقصده بالشّر، و محال أن يدرك الحسّ ما ليس بمحسوس او الخيال. فبقى
أنّ فى الحيوان قوّة مدركه لهذه المعانى غير المحسوسة الموجودة فى المحسوسات، و
تسمّى هذه القوّة الوهم.
و تتلوها قوّة اخرى هى خزانة لها و تسمّى الذكر و الحفظ. و نسبة
الحفظ و الذكر إلى ما يدركه الوهم نسبة الخيال إلى ما يدركه الحسّ. فالخيال و
فنطاسيا فى مقدّم الدماغ و مبدأه القلب، و الذكر و الحفظ فى مؤخّر الدماغ و مبدأه
القلب.
و الحيوان، أوّل ما يتكوّن منه يكون قلبه، و فى قلبه روحه و مبدأ
القوى النفسانيّة كلّها، ثمّ يفيض عنه فى الأعضاء قوى، بحسبها يتمّ هناك أفعالها.
فاذا تكوّن الدماغ فاض إليه قوّة الحسّ و الحركة، و يتمّ هناك فعله
الأوّل، لأنّ الروح تكتسب اعتدالا بتبريد الدماغ، ثمّ يفيض من الدماغ إلى الآلات
الجزئيّة، فيتمّ هناك الثاني.
و كما أنّه ليس الدماغ وحده بصرا، و إن كان مبدءا للبصر، بل البصر
يتمّ بعضو غير الدماغ كذلك القلب ليس وحده آلة الحسّ لجميع البدن، و إن كان مبدءا
له. و كذلك فى الحركة، فانّ الدماغ آلته الاولى فيها و العصب آلته الثانية، و آلة
الدماغ الاولى.
و كما أنّ الدماغ تنفذ منه فى عصبة واحدة قوى مختلفة فى أنّ بعضها
حسّاسة و بعضها محرّكة، و الحسّاسة بعضها ذائقة مثلا و بعضها لامسة، كذلك قد
نام کتاب : المبدا و المعاد نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 94