الفصل الثاني من المقالة الثانية فى تحقيق الجوهر الجسماني و ما
يتركب منه و أول ذلك معرفة الجسم و تحقيق ماهيته.
أما بيان أن الجسم جوهر واحد متصل و ليس مؤلفا من أجزاء لا تتجزأ،
فقد فرغنا عنه.
و أما تحقيقه و تعريفه فقد جرت العادة بأن يقال: إن الجسم جوهر طويل
عريض عميق، فيجب أن ينظر فى كيفية ذلك. لكن كل واحد من ألفاظ الطول و العرض و
العمق يفهم منه أشياء مختلفة. فتارة يقال: طول للخط كيف كان، و تارة يقال طول
لأعظم الخطين المحيطين بالسطح مقدارا، و تارة يقال طول لأعظم الأبعاد المختلفة
الممتدة المتقاطعة كيف كانت خطا أو غير خط، و تارة يقال طول للبعد المفروض بين
الرأس و مقابله من القدم أو الذنب من الحيوان.
و أما العرض فيقال للسطح نفسه، و يقال لأنقص البعدين مقدارا، و يقال
للبعد الواصل بين اليمين و اليسار.
و العمق أيضا قد يقال لمثل البعد الواصل بين السطحين، و قد يقال له
مأخوذا ابتداءه من فوق، حتى إن ابتدئ من أسفل سمى سمكا. فهذه