الفصل الأوّل من المقالة الثانية فى تعريف الجوهر و أقسامه بقول
كلى
فنقول: إن الوجود للشىء قد يكون بالذات مثل وجود الإنسان إنسانا، و
قد يكون بالعرض مثل وجود زيد أبيض. و الأمور التى بالعرض لا تحدّ.
فلنترك الآن ذلك و لنشتغل بالموجود، و الوجود الذى بالذات.
فأقدم أقسام الموجودات بالذات هو الجوهر، و ذلك لأن الموجود على
قسمين: أحدهما، الموجود فى شىء آخر، ذلك الشىء الآخر متحصل القوام و النوع فى
نفسه، وجودا لا كوجود جزء منه، من غير أن يصح مفارقته لذلك الشىء، و هو الموجود
فى موضوع.
و الثانى، الموجود من غير أن يكون فى شىء من الأشياء بهذه الصفة،
فلا يكون فى موضوع ألبتة، و هو الجوهر.
و اذ كان ما أشير إليه فى القسم الأول موجودا فى موضوع، فذلك الموضوع
لا يخلو أيضا من أحد هذين الوصفين؛ فإن كان الموضوع جوهرا فقوام العرض فى الجوهر،
و إن لم يكن جوهرا كان أيضا فى موضوع و رجع البحث إلى الابتداء، و استحال ذهاب ذلك
إلى غير نهاية، كما سنبيّن فى مثل هذا المعنى خاصة. فيكون لا محالة بآخره فيما ليس
فى موضوع، فيكون