الفصل الثانى من المقالة العاشرة فى إثبات النبوة و كيفية دعوة
النبى إلى اللّه تعالى، و المعاد إليه
و نقول الآن: إنه من المعلوم أن الانسان يفارق سائر الحيوانات بأنه
لا يحسن معيشته لو انفرد وحده شخصا واحدا يتولّى تدبير أمره من غير شريك يعاونه
على ضروريات حاجاته، و إنه لا بد من أن يكون الإنسان مكفيا بآخر من نوعه يكون ذلك
الآخر أيضا مكفيا به و بنظيره، فيكون مثلا هذا يبقل لذلك، و ذاك يخبز لهذا، و هذا
يخيط للآخر، و الآخر يتخذ الإبرة لهذا، حتى إذا اجتمعوا كان أمرهم مكفيا. و لهذا
ما اضطروا إلى عقد المدن و الاجتماعات فمن كان منهم غير محتاط فى عقد مدينته [1] على شرائط المدنيّة و قد وقع منه و من
شركائه الاقتصار على اجتماع فقط فإنه مجبّل على جنس بعيد الشبه من الناس و عادم [2] لكمالات الناس، و مع
[2] - «فانه يحيل على حس بعيد التشبه من الناس و عادم ...» كما في
أقدم النسخ الموجودة في مكتبتنا و الكمالات غير منقوطة فيصحّ أن يقرأ «يتحيل» و
قوله: «مجبّل» بالجيم، و في نسخة: «يحيل» و الأولى أولى لمكان عادم، و في نسخة
«مخبّل» بالخاء بالحاء المهملة و الياء