الفصل السادس من المقالة التاسعة فى حال تكون الاسطقسات عن العلل
الأوائل
فإذا استوفت الكرات السماوية عددها، لزم بعدها وجود اسطقسات، و ذلك
لأن الأجسام الاسطقسية كائنة فاسدة فيجب أن تكون مبادئها القريبة أشياء تقبل نوعا
من التغير و الحركة، و أن لا يكون ما هو عقل محض وحده سببا لوجودها، و بهذا يجب أن
تتحقق من أصول أكثرنا التكرار فيها، و فرغنا من تقريرها.
و لهذه الاسطقسات مادة تشترك فيها و صور تختلف بها، فيجب أن يكون
اختلاف صورها مما يعين فيه اختلاف فى أحوال الأفلاك، و أن يكون اتفاق مادتها مما
يعين فيه اتفاق فى أحوال الأفلاك، و الأفلاك تتفق فى طبيعة اقتضاء الحركة
المستديرة، فيجب أن يكون مقتضى تلك الطبيعة يعين فى وجود المادة، و يكون ما يختلف
فيه مبدأ تهيىء المادة للصور المختلفة. لكن الأمور الكثيرة المشتركة فى النوع و
الجنس لا تكون وحدها بلا مشاركة من واحد معين علة لذات هى فى نفسها متفقة واحدة و
إنما يقيمها غيرها، فلا يوجد إذن هذا الواحد عنها إلّا بارتباط بواحد يردها إلى
أمر واحد، فيجب أن تكون العقول المفارقة بل آخرها الذى يلينا هو الذى يفيض عنه