الفصل الثاني من المقالة التاسعة في إثبات دوام الحركة بقول مجمل
ثم بعده بقول مفصل[1]
و قد اتضح لك فيما سلف من العلوم الطبيعية وجود قوة غير متناهية غير
مجسمة، و أنها مبدأ الحركة الأولية، و بان لك أن الحركة المستديرة ليست متكوّنة
تكوّنا زمانيا، فقد بان لك من هناك من وجه مّا أنّ مبدأ دائم الوجود.
و قد بان لك بعد ذلك أن الواجب الوجود بذاته واجب الوجود من جميع
جهاته، فإنه لا يجوز أن تستأنف له حالة لم تكن، مع أنه قد بان لك أن العلة لذاتها
تكون موجبة المعلول، فإن دامت أوجبت المعلول دائما. و لو اكتفيت بتلك الأشياء
لكفاك ما نحن فى شرحه، إلّا أنا نزيدك بصيرة.
فنقول: إنك قد علمت أن كل حادث فله مادة، فإذا كان لم يحدث ثم حدث لم
يخل: إما أن تكون علتاه الفاعلية و القابلية لم تكونا فحدثتا، أو كانتا، و لكن كان
الفاعل لا يحرك و القابل لا يتحرك، أو كان الفاعل و لم يكن القابل، أو كان القابل
و لم يكن الفاعل.
و نقول قولا مجملا قبل العود إلى التفصيل إنه إذا كانت الأحوال من
جهة