الفصل السابع من المقالة الثامنة فى نسبة المعقولات إليه، و فى
إيضاح أن صفاته الإيجابية و السلبية لا توجب فى ذاته كثرة، و أن له البهاء الأعظم
و الجلال الأرفع و المجد الغير المتناهى، و فى تفصيل حال اللذة العقلية
ثم يجب أن يعلم أنه إذا قيل عقل للأول تعالى قيل على المعنى البسيط
الذى عرفته فى كتاب النفس، و أنه ليس فيه اختلاف صور مترتبة متخالفة كما يكون فى
النفس على المعنى الذى مضى فى كتاب النفس، فهو لذلك يعقل الأشياء دفعة واحدة من
غير أن يتكثر بها فى جوهره، أو يتصور فى حقيقة ذاته بصورها، بل تفيض عنه صورها
معقولة، و هو أولى بأن يكون عقلا من تلك الصور الفائضة عن عقليته، و لأنه يعقل
ذاته و أنه مبدأ كل شىء فيعقل من ذاته كل شىء.
و اعلم أن المعنى المعقول قد يؤخذ من الشىء الموجود، كما عرض أن
أخذنا نحن عن الفلك بالرصد و الحس صورته المعقولة، و قد تكون الصورة المعقولة غير
مأخوذة عن الوجود، بل بالعكس، كما أنا نعقل صورة بنائية نخترعها ثم تكون تلك
الصورة المعقولة محركة لأعضائنا إلى أن نوجدها،