الفصل السادس من المقالة الثامنة فى أنه تام بل فوق التام و خير، و
مفيد كل شىء بعده، و أنه حق، و أنه عقل محض، و يعقل كل شىء و كيف ذلك و كيف يعلم
ذاته، و أنّه كيف يعلم الكليات، و كيف يعلم الجزئيات، و على أى وجه لا يجوز أن
يقال يدركها
فواجب الوجود تام الوجود، لأنه ليس شىء من وجوده و كمالات وجوده
قاصرا عنه، و لا شىء من جنس وجوده خارجا عن وجوده يوجد لغيره كما يخرج فى غيره،
مثل الإنسان فإن أشياء كثيرة من كمالات وجوده قاصرة عنه، و أيضا فان إنسانيته توجد
لغيره. بل واجب الوجود فوق التمام، لأنه ليس إنما له الوجود الذى له فقط، بل كل
وجود أيضا فهو فاضل عن وجوده و له و فائض عنه.
و واجب الوجود بذاته خير محض، و الخير بالجملة هو ما يتشوقه كل شىء
و ما يتشوقه كل شىء هو الوجود، أو كمال الوجود من باب الوجود. و العدم من حيث هو
عدم لا يتشوق إليه، بل من حيث يتبعه وجود أو كمال للوجود، فيكون المتشوق بالحقيقة
الوجود، فالوجود