الفصل الأوّل من المقالة الثامنة فى تناهى العلل الفاعلية و
القابلية
و إذ قد بلغنا هذا المبلغ من كتابنا فبالحرى أن نختمه بمعرفة المبدء
الأول للوجود كله و أنه هل هو موجود؟ و هل هو واحد لا شريك له فى مرتبته و لا
ندّله؟ و ندلّ على مرتبته فى الوجود، و على ترتيب الموجودات دونه و مراتبها و على
حال العود إليه، مستعينين به.
فأول ما يجب علينا من ذلك أن ندلّ على أن العلل من الوجوه كلها [1] متناهية، و أنّ فى كل طبقة منها مبدأ
أول، و أنّ مبدأ جميعها واحد و أنه مباين لجميع الموجودات واجب الوجود وحده، و أن
كل موجود فمنه ابتداء وجوده.
فنقول: أما أن علة الوجود للشىء
[2] تكون موجودة معه فقد سلف
[1] - أي العلل سواء كانت فاعلية أو غائية أو صورية أو مادية، كما
سيصرّح به الشيخ بعد برهان الوسط و الطرف بقوله: «و هذا البيان يصلح أن يجعل بيانا
لتناهي جميع طبقات أصناف العلل».
[2] - هذا هو برهان الوسط و الطرف على إثبات الموجود الذي لا سبب
له، و هذا البرهان مذكور في المقالة الأولى ممّا بعد الطبيعة و هي الموسومة بالألف
الصغرى لأرسطوطا ليس، (راجع