الفصل الثالث من المقالة السادسة فى مناسبة ما بين العلل الفاعلية
و معلولاتها
نقول إنه ليس الفاعل كل ما أفاد وجود أفاده مثل نفسه، فربما أفاد
وجودا مثل نفسه و ربما أفاد وجودا لا مثل نفسه، كالنار تسوّد أو كالحركة تسخن.
و الفاعل الذى يفعل وجودا مثل نفسه فإن المشهور أنه أولى و أقوى فى
الطبيعة التى يفيدها من غيره، و ليس هذا المشهور ببيّن و لا بحق من كل وجه، إلّا
أن يكون ما يفيده هو نفس الوجود و الحقيقة، فحينئذ يكون المفيد أولى بما يفيده من
المستفيد.
و لنعد من رأس فنقول: إن العلل لا تخلو إما أن تكون عللا للمعلولات
فى نحو وجود أنفسها، و إما أن تكون عللا للمعلولات فى وجود آخر مثال الأول: تسخين
النار، و مثال الثانى: تسخين الحركة و حدوث التخلخل من الحرارة، و أشياء كثيرة
مشابهة لذلك.
و لنتكلم على العلل و المعلولات التى تناسب الوجه الأول. و لنورد
الأقسام التى قد يظن فى الظاهر أنها أقسامه، فنقول:
قد يظن فى الوجه الأول أنه قد يكون المعلول فى كثير منه أنقص وجودا
من العلة فى ذلك المعنى، إن كان ذلك المعنى يقبل الأشد و الأنقص مثل الماء