الفصل الأول من المقالة السادسة فى أقسام العلل و أحوالها
قد تكلمنا فى أمر الجواهر و الأعراض، و فى اعتبار التقدم و التأخر
فيها، و فى معرفة مطابقة الحدود للمحدودات الكلية و الجزئية. فبالحرى أن نتكلم
الآن فى العلة و المعلول، فإنهما أيضا من اللواحق التى تلحق الموجود بما هو موجود.
و العلل كما سمعت، صورة و عنصر و فاعل و غاية. فنقول:
إنا نعنى بالعلة الصورية العلة التى هى جزء من قوام الشىء، يكون بها
الشىء هو ما هو بالفعل و بالعنصرية العلة التى هى جزء من قوام الشىء، يكون بها
الشىء هو ما هو بالقوة، و تستقر فيها قوة وجوده. و بالفاعل العلة التى تفيد وجودا
مباينا لذاتها، أى لا تكون ذاتها بالقصد الأول محلا لما يستفيد منها وجود شىء
يتصور به، حتى تكون فى ذاتها قوة وجوده إلّا بالعرض، و مع ذلك فيجب ألا يكون ذلك
الوجود من أجله من جهة ما هو فاعل، بل إن كان و لا بد فباعتبار آخر، و ذلك لأن
الفلاسفة الإلهيين ليسوا يعنون بالفاعل مبدأ التحريك فقط كما يعنيه الطبيعيون، بل
مبدأ الوجود و مفيده، مثل البارى للعالم؛ و أما العلة الفاعلية الطبيعية فلا تفيد
وجودا غير التحريك بأحد أنحاء التحريكات؛ فيكون مفيد الوجود فى الطبيعيات