الفصل الثالث من المقالة الرابعة فى التام، و الناقص، و ما فوق
التمام، و فى الكل، و فى الجميع
التام أول ما عرف عرف فى الأشياء ذوات العدد، إذا كان جميع ما ينبغى
أن يكون حاصلا للشىء قد حصل بالعدد، فلم يبق شىء من ذلك غير موجود.
ثم نقل ذلك إلى الأشياء ذوات الكم المتصل، فقيل: تام فى القامة اذ
كانت تلك أيضا عند الجمهور معدودة لأنها إنما تعرف عند الجمهور من حيث تقدّر، و
إذا قدّرت لم يكن بدّ من أن تعدّ. ثم نقلوا ذلك إلى الكيفيات و القوى، فقالوا: كذا
تام القوة و تام البياض و تام الحسن و تام الخير، كأن جميع ما يجب أن يكون له من
الخير قد حصل له و لم يبق شىء من خارج.
ثم إذا كان من جنس الشىء شىء، و كان لا يحتاج إليه فى ضرورة أو
منفعة أو نحو ذلك، راوه زائدا و رأوا الشىء تاما دونه، ثم إن كان ذلك الذى قد وجد
ما يحتاج إليه الشىء فى نفسه قد حصل و حصل معه شىء آخر من جنسه ليس يحتاج إليه
فى أصل ذات الشىء إلّا أنه و إن كان ليس يحتاج إليه فى ذلك الشىء فهو نافع فى
بابه، قيل لجملة ذلك: إنه فوق التمام و وراء الغاية. فهذا هو التام و التمام.
فكأنه اسم للنهاية، و هو أوّلا للعدد، ثم