الفصل الأوّل من المقالة الرابعة فى المتقدم و المتأخر و فى
الحدوث
لما تكلمنا على الأمور التى تقع من الوجود و الوحدة موقع الأنواع،
فبالحرى أن نتكلم فى الأشياء التى تقع منهما موقع الخواص و العوارض اللازمة، و
نبدأ أولا بالتى تكون للوجود و منها بالتقدم و التأخر.
فنقول: إن التقدم و التأخر و إن كان مقولا على وجوه كثيرة فإنها يكاد
أن تجتمع على سبيل التشكيك فى شىء، و هو أن يكون للمتقدم، من حيث هو متقدم، شىء
ليس للمتأخر، و يكون لا شىء للمتأخر إلّا و هو موجود للمتقدم.
و المشهور عند الجمهور هو المتقدم فى المكان و الزمان. و كان التقدم
و القبل فى أشياء لها ترتيب، فما هو فى المكان فهو الذى هو أقرب من ابتداء محدود،
فيكون له أن يلى ذلك المبدأ حيث ليس بلى ما هو بعده، و الذى بعده يلى ذلك المبدأ و
قد وليه هو. و فى الزمان كذلك أيضا بالنسبة إلى الآن الحاضر أو آن يفرض مبدأ و إن
كان مبدأ مختلفا فى الماضى و المستقبل كما تعلم.
ثم نقل اسم القبل و البعد من ذلك إلى كل ما هو أقرب من مبدأ محدود.