الفصل الثامن من المقالة الثالثة فى العلم و أنه عرض
و أما العلم فإن فيه شبهة، و ذلك لأن لقائل أن يقول: إن العلم هو
المكتسب من صور الموجودات مجردة عن موادها، و هى صور جواهر و أعراض. فإن كانت صور
الأعراض أعراضا، فصور الجواهر كيف تكون أعراضا؟ فإن الجوهر لذاته جوهر فماهيته
جوهر لا تكون فى موضوع ألبتة و ماهيته محفوظة سواء نسبت إلى إدراك العقل لها أو
نسبت إلى الوجود الخارجى.
فنقول: إن ماهية الجوهر جوهر بمعنى أنه الموجود فى الأعيان لا فى
موضوع، و هذه الصفة موجودة لماهية الجواهر المعقولة، فإنها ماهية شأنها أن تكون
موجودة فى الأعيان لا فى موضوع، أى أنّ هذه الماهية هى معقولة عن أمر وجوده فى
الأعيان أن يكون لا فى موضوع. و أما وجوده فى العقل بهذه الصفة فليس ذلك فى حده من
حيث هو جوهر، أى ليس حد الجوهر أنه فى العقل لا فى موضوع، بل حده أنه سواء كان فى
العقل أو لم يكن فإن وجوده فى الأعيان ليس فى موضوع.
فإن قيل: فالعقل أيضا من الأعيان، قيل: براد بالعين التى إذا حصل
فيها