الفصل السادس من المقالة الثالثة فى تقابل الوحدة و الكثرة[1]
و بالحرىّ أن نتأمل كيف تجرى المقابلة بين الكثير و الواحد، فقد كان
التقابل عندنا على أصناف أربعة، و قد تحقق ذلك. و سنحقق بعد أيضا أن صورة التقابل
توجب أن تكون أصنافه على هذه الجملة، و كان من ذلك تقابل التضاد. و ليس يمكن أن
يكون التقابل بين الوحدة و الكثرة على هذه الجهة، و ذلك لان الوحدة مقوّمة للكثرة
و لا شىء من الأضداد يقوم ضده، بل يبطله و يفنيه لكن لقائل أن يقول: إن الوحدة و
الكثرة هذا شأنهما، فإنه ليس يجب أن يقال: إن الضد يبطل الضد كيف كان، بل ان يقال:
إن الضذ يبطل الضدّ بأن يحلّ فى موضوعه، و الوحدة أيضا من شأنها أن تبطل الكثرة
بأن تحل الموضوع الذى للكثرة، على ما جوّزت أن يكون الموضوع تعرض له الوحدة و
الكثرة.
فنقول فى جواب هذا الإنسان: إن الكثرة كما أنها أنما تحصل بالوحدة
[1] - «الواحد و الكثير» خ. ل. و راجع المسألة التاسعة من الفصل
الثاني من كشف المراد، ص 101؛ ط 1 بتصحيح الراقم و تعليقه عليه.