الفصل الخامس من المقالة الثالثة فى تحقيق ماهية العدد، و تحديد
أنواعه، و بيان أوائله
و بالحرى أن نحقق ههنا طبيعة الأعداد، و خاصياتها، و كيف يجب أن
يتصور حالها و وجودها، فقد انتقلنا عنها إلى الكميات المتصلة مستعجلين، لأن غرضنا
كان يوجب ذلك.
فنقول: إن العدد له وجود فى الأشياء، و وجود فى النفس [1]. و ليس قول من قال: إن العدد لا وجود
له إلّا فى النفس بشىء يعتد به، أما إن قال:
إن العدد لا وجود له مجردا عن المعدودات التى فى الأعيان إلّا فى
النفس، فهو حق. فإنا قد بيّنا أن الواحد [2] لا يتجرد عن الأعيان قائما بنفسه إلّا فى الذهن؛ فكذلك ما يترتب
وجوده [3] على وجود الواحد. و أما أن يكون فى
الموجودات أعداد فذلك أمر لا شك فيه إذا كان فى الموجودات وحدات فوق وحدة، و كل
واحد من الأعداد فإنه نوع بنفسه، و هو واحد فى نفسه من