الفصل الثالث من المقالة الثالثة فى تحقيق الواحد و الكثير[1] و إبانة أن العدد عرض
الذى يصعب الآن علينا تحقيق ماهية الواحد. و ذلك أنا إذا قلنا: إن
الواحد لا ينقسم فقد قلنا ان الواحد هو الذى لا يتكثر ضرورة، فأخذنا فى بيان
الواحد الكثرة.
و أما الكثرة فمن الضرورة أن تحد بالواحد، لأن الواحد مبدأ الكثرة، و
منه وجودها و ماهيتها.
ثم أىّ حدّ حدّدنا به الكثرة استعملنا فيه الواحد بالضرورة. فمن ذلك
ما تقول: إن الكثرة هى المجتمع من وحدات، فقد أخذنا الوحدة فى حد الكثرة، ثم عملنا
شيئا آخر و هو أنا أخذنا المجتمع فى حدها، و المجتمع يشبه أن يكون هو الكثرة
نفسها. و إذا قلنا من الوحدات أو الواحدات أو الآحاد فقد أوردنا لفظ الجمع مع هذا
اللفظ، و لا يفهم معناه و لا يعرف إلّا بالكثرة.