فى ابتداء طلب موضوع الفلسفة الأولى لتتبيّن إنّيته فى العلوم
و إذ قد وفّقنا اللّه ولىّ الرحمة و التوفيق، فأوردنا ما وجب إيراده
من معانى العلوم المنطقية و الطبيعية و الرياضية، فبالحرىّ أن نشرع في تعريف
المعانى الحكمية، و نبتدئ مستعينين باللّه فنقول:
إنّ العلوم الفلسفية، كما قد أشير إليه فى مواضع أخرى من الكتب،
تنقسم إلى النظرية و إلى العملية. و قد أشير إلى الفرق بينهما و ذكر أنّ النظرية
هى التى يطلب فيها استكمال القوّة النظرية من النفس لحصول العقل بالفعل، و ذلك
بحصول العلم التصوّرى و التصديقى بأمور ليست هى هى بأنّها أعمالنا و أحوالنا،
فتكون الغاية فيها حصول رأى و اعتقاد ليس رأيا و اعتقادا فى كيفية عمل أو كيفية
مبدأ عمل من حيث هو مبدأ عمل.
و أنّ العملية هى التى يطلب فيها أوّلا استكمال القوّة النظرية بحصول
العلم التصوّرى و التصديقى بأمور هى هى بأنّها أعمالنا، ليحصل منها ثانيا استكمال
القوّة العملية بالأخلاق.