؛ فاعلم أنّ هذه القضيّة نتيجة
[2] قياس كبراه المقدّمة الأولى هكذا: الخلاء بعد متّصل، و كلّ بعد
متّصل فإنّه لا يقوم بلا مادّة، ينتج [3] فالخلاء لا يقوم بغير مادّة. فإذن الخلاء الّذى يزعم الخصم أنّه بعد
صرف غير موجود، بل هو جسم.
و امّا قوله: «و إذا سلكت الأجسام
في حركاتها تنحّى عنها ما بينها، و لم يثبت لها بعد مقطور
[4] فلا خلاء»؛
فاعلم أنّ هذه القضيّة نتيجة عن
[5] قياس كبراه المقدّمة الثانية هكذا: الخلاء بعد، و كلّ بعد فإنّه لا
بدّ [6] و أن يتنحّى عند سلوك الجسم إليه،
ينتج فالخلاء لا بدّ و أن يتنحّى عند سلوك الجسم إليه.
فبطل قول من قال: إنّه بعد ثابت مقطور أى بعد ثابت له أقطار عند سلوك
الجسم إليه [7].
المسئلة الثّانية عشر فى الجهة
و فيها أربعة فصول.
[الفصل الثّانى و العشرون [الدّليل على وجود الجهة]]
إشارة [8]:
و لقد يناسب ما نحن مشغولون [9] به الكلام في المعنى الّذى يسمّى جهة في مثل قولنا:
تحرّك كذا في جهة كذا دون جهة كذا، و من المعلوم أنّها لو لم يكن
لها وجود كان من المحال أن تكون مقصدا [10] للمتحرّك، و كيف تقع الإشارة نحو لا شىء؟ فتبيّن [11] أنّ للجهة وجودا.
التّفسير: هذه المناسبة من وجهين: أحدهما؛ أنّه لمّا تكلّم في إبطال
الخلاء الّذى [12] يعتقد في الظّاهر أنّه هو المكان، و
الكلام في الجهة مناسب للكلام في المكان، لا جرم تحقّقت المناسبة. و ثانيهما [13]؛ أنّ الجهة مقطع الإشارة و منتهاها، و
ذلك أمر عارض للأطراف و النّهايات مثل الخطّ و السطح، فيكون الكلام في الأبعاد
مناسبا للكلام [14] فى الجهة.