نام کتاب : الأضحوية في المعاد نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 173
14- لكن الضرورات البدنية جاذبة اليها
و لا يمكن سلب جميع هذه الصفات عن النفس و محوها بالكلية فان
الضرورات البدنية جاذبة اليها، الا انه يمكن تضعيف تلك العلاقة و لذلك قال تعالى: وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً
مَقْضِيًّا*. الا أنه اذا ضعفت العلاقة لم تشتد نكاية فراقها و عظم الالتذاذ
بما اطلع عليه عند الموت من الأمور الالهية فأماط أثر مفارقة الدنيا و النزوع
اليها على قرب، كمن يستنهض من وطنه الى منصب عظيم و ملك مرتفع فقد ترق نفسه حالة
الفراق على أهله و وطنه فيتأذى أذى ما و لكن ينمحى بما يستأنفه من لذة الابتهاج
بالملك و الرئاسة.
15- و لذلك ورد الشرع بالتوسط في الأخلاق
و اذا لم يمكن سلب هذه الصفات ورد الشرع في الأخلاق بالتوسط بين كل
طرفين متقابلين لأن الماء الفاتر لا حار و لا بارد فكأنه بعيد عن الصفتين فلا
ينبغي أن يبالغ في امساك المال فيستحكم فيه حرص المال و لا في الانفاق فيكون مبذرا
و لا أن يكون ممتنعا عن كل الأمور فيكون جبانا و لا منهمكا في كل أمر فيكون
متهورا، بل يطلب الجود فانه الوسط بين البخل و التبذير و الشجاعة فانها الوسط بين
الجبن و التهور و كذلك في جميع الأخلاق، و علم الأخلاق طويل و الشريعة بالغت في
تفصيلها و لا سبيل في تهذيب الأخلاق الا بمراعاة قانون الشرع في العمل حتى لا يتبع
الانسان هواه فيكون قد اتخذ إلهه هواه بل يقلد الشرع فيقدم و يحجم باشارته لا
باختياره فتتهذب به أخلاقه.
نام کتاب : الأضحوية في المعاد نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 173