في علم الرجال والحديث ولا سيّما وأنّ الحديث هو عن خصوص الرواة الذين يعدّون زعماء لتلك المقالات وحقيقتها و هذا مطابق لما ذكرناه في الجزء الأوّل والثاني من أنّ التعديل أو الجرح عند القدماء والأصحاب كان من جهات وحيثيات أربع ولكلّ جهة وحيثية أقسام. فالعمومية والتعميم في جرح المفردة الرجالية وكذا التعديل لم يكن من ديدن القدماء وهذه قاعدة مهمّة في منهج البحث الرجالي التي أشرنا إليها سابقاً.

كما أنّه يجب على الباحث، الفصل بين روّاد من طعن عليهم بالغلوّ وبين امتداداتهم في الأتباع وجماهير القواعد لديهم، فإّنه قد تفشّت فيهم تخاليط من الأقوال.

لا سيما وأنّ هذه الظاهرة بماحملت من أوصاف وتسميات مزعومة في بطون الكتب التاريخية والرجالية اتّخذت كسيف يقمع به سائر رواة المعارف من أحاديث أهل البيت عليهم السلام واتّخذ رمحاً يطعن به أتباع أهل البيت عليهم السلام.

فللوصول إلى الحقيقة ثمار كبيرة جدّاً تخلق نظرة متوازنة وثاقبة للتراث الموروث من أحاديث أهل البيت عليهم السلام سواء من جهة الأسانيد والطرق، أو من جهة كيفية تصحيح المضمون وعرضه على محكمات الكتاب والسنة القطعية المطهرة، فإنّ هذا البحث ليس رجالياً محضاً كما قد يتخيل بقدر ما هو بحث معرفي وأدياني مذهبي.

ثم إنّا بعد ذلك وقفنا على كلام للأستاذ أسد حيدر يذكر غموضة البحث في حركة الغلاة والعوامل التي سبّبت التشويه والتعتيم في دراستهم.

قال: «و على أيّ حال فإنّ حركة الغلاة هي من أخطر العوامل التي لعبت دوراً هاماً في المجتمع الإسلامي وإن دراستها لا تزال حتى اليوم ناقصة بل غامضة، لوجود الكثير من التشويه واللبس فالوقوف عليها ببيان ووضوح من المشقّة بمكان، إذ لم تدوّن آراء أولئك القوم بأقلام دعاتهم فلم تكن لهم مؤلفات تدون بها