إشكالية ثبات القوانين وتغيّر أنظار الفقهاء

إنّ هناك إشكالية وإثارة تطرح بقوّة وقد ابتدر في إثارتها الشيخ فضل اللَّه النوري وهي أنّ تثبيت قوانين الدولة على كافّة مراحلها- كإلزامات والتزامات تصان عن المخالفة ويحظر عصيانها والتمرّد عليها- لا يتّسق هذا الطابع مع ما هو مقرّر في نظام مذهب أهل البيت عليهم السلام من حرّية الاجتهاد وتعدّد الأنظار واحترام الاختلاف في الاستنباط والاستنتاج وتسويغ لكلّ صاحب نظر العمل وفق ما انتهى إليه نظره وفهمه، وكذلك الحال بالنسبة إلى من يتّبعه ويرجع إليه في فتاواه كما أن لعموم الناس حرّية الاختيار وتشخيص الأكفأ والأجدر للاتّباع والمتابعة في فتاواه وأقواله وأحكامه، وهذا يتقاطع مع النظام الواحد السياسي القائم على وحدة القوانين والأحكام وضرورة الإلزام والالتزام بها.

فنظام الطائفة الاجتماعي المرسوم من قِبَلهم عليهم السلام لا يتّفق مع كيان النظام الواحد السياسي الرسمي ومن ثمّ يكثر وقوع التجاذب والتقاطع في موارد وأحداث مشهودة عديدة بين هذين النظامين لا سيّما وأنّه قد تصل المدافعة في جملة من الموارد إلى المواقف السياسيّة الحادّة وكذا في جملة من البرامج في الأصعدة الاخرى الماليّة والجمركية وقوانين الأحوال الشخصيّة وأنظمة التعليم الديني بل والنظام القضائي كذلك.

ومن ثمّ أصرّ الشهيد الشيخ فضل اللَّه النوري على استبعاد إقامة النظم العصرية