وعلى ذلك لابدّ من التنبّه إلى أنّ نظرية النصّ لا تتنافى ولا تتقاطع مع قاعدة الشورى الأصيلة بالمعنى اللغوي له وهو المعنى الّذي تبنّته مدرسة أهل البيت ومذهب الإماميّة بل هي آلية مهمّة في نظام نظرية النصّ، وإنّما التقاطع والتدافع بين نظرية النصّ ونظرية الشورى بالمعنى الأوّل وهو الّذي تبنّته مذاهب الجمهور. والتدافع في الحقيقة ليس مع أصل حق الأكثريّة وإرادتهم في مقابل حق وإرادة الأقليات بل في حدود دائرة صلاحية استحقاق الأكثريّة مع دائرة الحقّ الإلهيّ وحقّ الحقيقة والواقعية.

وهاتان النقطتان لابدّ من الالتفات إليهما بيقظة وإمعان كي لا يحصل الخلط في المفاهيم والتنظيرات ومصير ومسار البحث.

وبعد الإحاطة بذلك فليعلم أنّ القائلين ببدليّة الشورى عن النصّ في الغيبة بصياغاتها الثلاث إنّما يرومون المعنى الأوّل من قاعدة الشورى، وسيتّضح لك حين استعراض نصّ عباراتهم وهو الّذي ينجم منه التدافع والتقاطع مع نظرية النصّ كما سيظهر الحال جليّاً.

أقوال القائلين ببدلية الشورى عن النصّ في الغيبة

وإليك نبذة من أقوالهم وعباراتهم:

1- في فقه الدولة الإسلامية: «والحاصل أن لأرباب التحقيق من علماء المسلمين في مبدأ الحكومة قولين:

الأوّل: أنّ السيادة والحاكميّة للَّهتعالى فقط وبيده التشريع والحكم والنبيّ أيضاً لم يكن له حقّ الحكم إلّابعد ما فوض اللَّه إليه ذلك... حتّى أنّ الفقهاء في عصر الغيبة أيضاً نصبوا من قبل أئمّتنا لذلك وإلّا لم يكن لهم حقّ الحكم....

الثاني: أنّ الأمّة بنفسها هي صاحب السيادة ومصدر السلطات وأهل الحلّ