فهذه الوصاية على المذهب غير مأذونة ولم تعط لشخص بذاته وإنّما الوصاية والهيمنة هي لأصول المذاهب وقواعده الضرورية.

مخاطر بناء علم الملل والنحل على التقليد في علم الرجال

ولربما يقيّم هذا المنهج الحصري في اعتبار أقوال الرجاليين بالنجاشي وابن الغضائري والكشي وابن شاذان- دون غيرهم من الأقدمين كالصدوق والكليني وأصحاب الإجماع وزعماء المذهب من الرواة- بأنّه صلاحية حصرية لمحاكمة العباد يوم فصل الخطاب. وليس هذا كلاماً شعرياً بقدر ما هو تقييم حقيقي لمقدار الحجية الذي أعطي لهذا الفريق من الرجاليين دون غيرهم، بحيث إذا حكموا على أحد الرواة بالفساد والضلالة والهاوية فلا تقوم له قائمة تنجيه ولا شفاعة تخلّصه من نيران الإلقاء في نار الجحيم. وهذه صلاحية خطيرة جدّاً، لأنّ المشاهد من بحوث الملل والنحل حول رواة الشيعة أنه يؤخذ آراء هذا الفريق الرجالي لتلوين تيّارات الرواة بملل ونحل والحكم عليهم بأصناف المذاهب.

وهذا كما ترى مرتبة فوق التوثيق والجرح والتعديل للرجالي لأنّ أقوال الرجاليين يأخذها الباحث في علم الملل والنحل- وهو علم يستعرض تاريخ المذاهب والأديان- كموادّ وشواهد على حكمه على التيّارات المختلفة بنسبتها إلى نِحلٍ وملل مختلفة. وهذا لا يقتصر على ذلك فقط بل يرتقي خطورة الحال إلى درجة الموقف العقائدي والحكم في علم الكلام على تلك التيارات والمقالات للفرق فتدان بها الفرق المختلفة، بل يحكم على العقيدة والمقالة الاعتقادية وتاريخ نشوئها تبعاً لرأي الرجالي وموقفه.

ومن الواضح أنّ هذا أمر خطير بالغ الحساسية لأنّه يتمّ به مداينة المذاهب