قرينة جديدة في التوثيقات والقرائن العامّة

من قرائن التوثيق قولهم: «أخبرنا أو رووا كتبه أو كتابه إلّاما كان فيه من تخليط أو ارتفاع أو غلوّ أو تدليس أو ينفرد به ولا يعرف من غير طريقه».

فقد تكرّر هذا التعبير والقول منهم في جملة من الرواة وهذا يفيد أنّ ما رووه عنه من روايات مستخرجة من كتبه متّصفة بالوثوق بالصدور والمضمون، وبالتالي هو نحو اعتبار للكتاب بل وللراوي في الجملة؛ فإنّ تصحيح جملة رواياته والاعتماد عليها يفيد شاهداً عمليّاً على اعتبار لهجة الراوي وإتقانه وضبطه لا سيّما وأنّ ما استثني من ما هو مضمونه غلو أو تخليط أو ارتفاع إنّما هو مبنيّ على اختلاف المشارب في المباني الكلاميّة، كما أنّ ما انفرد به ولا يعرف من غير طريقه لا شاهد على شذوذ المضمون فيه.

وبعبارة أخرى: فإنّ كثرة رواية الراوي لما استقام مضمونه من طبقات الرواة السابقة عليه هو قرينة ودلالة على استقامته في اللسان وتحفّظه في الإخبار.

وقد يقال: إنّ هذا التعبير أقصى ما يدلّ هو على أنّ صاحب ذلك الكتاب ورواياته تخرّج مؤيّداً ومعاضداً لبقيّة الروايات ومن ثمّ لا يعتمد على ما ينفرد به.

وفيه: أنّ تصريحهم بأنّ كل ما رووه عنه غير منفرد به يعيّن أنّ رواياته الموجودة في المصادر الحديثية من كتبه أو رواياته ليس مما انفرد به وأنّ مضمون ما رواه له شاهد روائي من روايات أخرى وإن خفيت علينا.

وعلى أيّ تقدير فهذا التعبير منهم يشكّل قرينة مهمّة على اعتبار إجمالي