المتقدمين- أصحاب الأصول القديمة من أرباب الجرح والتعديل- اجتهادات.

فمستند آرائهم ليس في الغالب هو الشهادة أو الإخبار عن حال الراوي المترجم من قبل معاصر له بسند متصل، وهذا ممّا يدعو إلى إعمال عملية الاجتهاد والاستنباط الرجالي في أحوال الرجال بتوسط المناهج الأخرى التي تتوفر فيها مواد الاستدلال على حال الراوي، كما أنّه يلزم بضميمة ذلك تنقيح سلسلة من المباني الكلامية التي يتم على ضوئها دراسة مضمون الأحاديث التي يرويها الراوي مما تعكس مذهبه الاعتقادي وانتماءه في السلوك العلمي.

المنهج بين الاجتهاد والتقليد

ومن ذلك يتقرّر أنّ الاعتماد على منهج النصوص الرجالية في واقع حقيقته تقليد لاجتهادات قدماء الرجاليين، وأنّ حقيقة الاجتهاد في علم الرجال هو الاعتماد على المناهج الأخرى التي تتوفر على مواد رجاليّة تعكس شخصية الراوي في الجوانب العديدة نظير منهج دراسة مضامين الروايات التي يرويها الراوي ومنهج الطبقات وتجريد الأسانيد؛ مضافاً إلى معرفة بيئته الأسرية والمدنية وموقعيته العلمية في المشيخة والطرق والكتب وغيرها ممّا يجمع لدى الباحث عناصر ومكوّنات شخصية الراوي وحاله.

ثمّ يأتي على رأس ذلك المنهج التحليلي لتحليل تلك المواد وترصيفها ودراسة درجة اعتبارها وتناسقها فيما بينها، لتكتمل الصورة واضحة في تلك القصاصات للخروج بنتيجة واضحة عن حال الراوي. وتكون النصوص الرجالية في الأصول القديمة وغيرها من كتب المتأخرين بمثابة الأقوال في المسألة والاجتهادات التي قد تتضمن مواد وقرائن ينبغي مراعاتها وأخذها في الحسبان، فلابدّ من إحياء مسلك الاجتهاد في الرجال لأنّه يثري مواد