القراءة العقلية أو الرجالية للحكمة الإلهية

هذه الضوابط في التمييز بين المنهج العلمي والمنهج السطحي القشري لا تختصّ بالاستنباط في الفروع بل تشمل أيضاً البحث في المعارف ومسائل الاعتقاد وذلك:

1- فإنّ هناك من يرفع شعار البرهان والاستدلال ونبذ التقليد والإذعان من دون دليل قطعي إلّاأنه يتحاشى عن عملية نقد الآراء الفلسفية المشهورة عند أحد المدارس المعروفة وتأخذه هيبة التسالم عندهم عن تمحيص حقيقة الحال، ولا يجترئ في التحليل والتأمّل على مخالفة ما أدلى به كبار المشاهير في الحكمة المشائية أو الإشراقية أو المتعالية.

2- ويقتصر في استقراء احتمالات المسألة العلمية على صرف أقوال جماعة وعدّة معدودة، ولا يعطي مجالًا لنفسه أن يتدبّر في الآيات والروايات الواردة في المعارف ولو من باب التوفّر على توسعة الأفق في الاحتمالات التصوريّة لا التصديق التعبّدي ولا يتطرّق الاحتمال في ذهنه إلى إمكانية وجود أفق في الأدلّة النقليّة أوسع بكثير من آفاق الآراء البشريّة.

3- ولا يلتفت إلى أنّ الاستنتاج العقلي المجرّد في الحكمة النظرية والعملية عند الفلاسفة لا يعدو كونه اجتهاداً عقلياً وليس وحياً فطريّاً بديهياً لا يدانيه الريب، بل هو جهد بشري في ترتيب الأدلّة ومقدّمات الاستدلال والأقيسة قد يسري إليه الخطأ من ناحية فرض المواد أو ناحية ترتيب هيكل وأشكال الأدلّة، كما هو الحال تماماً في مسائل علم الرياضيات والحساب والهندسة فإنّ المسائل النظريّة التي تتطلّب مراحل كثيرة من الاستدلال