كلّ ذلك مفصّلًا إن شاء اللَّه تعالى- نقول:

معاني الحجّية

إنّ الحجّية لها جملة من المعاني وجملة من الأقسام، وهي:

الأوّل: تطلق الحجّية ويراد بها الطريق الكاشف للحقيقة والواقع، والذي يُعبّر عنه بالحجّة النظرية، وبالبرهان، عند الفلاسفة والمناطقة، وأصحاب العلوم التجريبية.

وفي استعمالات القرآن قد عُبّر عنه بالآية البيّنة تارةً، كما في قوله تعالى:

سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ [1]، وقوله تعالى: قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً [2].

أو بالبرهان تارةً اخرى، كما في قوله تعالى: أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [3]، وقوله تعالى: تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [4].

وهي تنقسم إلى قسمين: فتارةً يقينية، واخرى ظنّيّة، فاليقينيّ منها كالبرهان العقليّ المعتمد على البديهيّات أو القريب منها، والظنّيّ منها كالدليل العقليّ المبنيّ على مقدمات متوغّلة في البحث النظريّ، أو الاستقراء الناقص في العلوم التجريبيّة.

الثاني: تطلق على الطريق الكاشف أيضاً ولو بنحو الإجمال، لكن لا من حيثيّة كشفه فقط، بل من حيثيّة لزوم متابعته، واستحقاق المدح والثواب على ذلك،

[1] البقرة: 211.

[2] الأعراف: 73.

[3] النمل: 64.

[4] البقرة: 111.