على عموم وراثة القُربى البعيدة، وبنو العبّاس طبّقوها على وراثة كلّ بني هاشم، في القرابة المتوسطة.

وعلى أيّ تقدير فهذان الاحتجاجان والمستندان يعكسان بداهة تطبيق قاعدة وراثة القربى لمناصب النبيّ صلى الله عليه و آله، وولايته، وحاكميته، وأنّها باتت من مسلّمات الدين.

ومن ثَمّ جُعل من شرائط الإمامة أن يكون الإمام قرشيّاً عند كافّة فرق المسلمين [1]، عدا الخوارج وجُلّ المعتزلة، وممّا احتجّوا به على ذلك هو عين ما جرى من احتجاج قريش يوم السقيفة على الأنصار، الذي تقدّم نقله.

ومن ذلك يتبيّن أنّ قاعدة وراثة النبيّ صلى الله عليه و آله ظلّت هي المستند الأوّل لمشروعية الخلافة الإسلاميّة، منذ الصدر الأوّل إلى القرون اللاحقة من أجيال المسلمين، و هذا يبيّن مدى تجذّر هذه القاعدة في المعرفة الدينيّة، والنظام السياسي للمسلمين منذ الصدر الأوّل الإسلاميّ.

أهل البيت عليهم السلام مقدّمون على بني هاشم:

النقطة الرابعة: إنّ فاطمة والحسن والحسين وأمير المؤمنين عليهم السلام مقدّمون في الوراثة على العبّاس عمّ النبيّ صلى الله عليه و آله، أمّا فاطمة وأبناؤها عليهم السلام فإنّهم من الطبقة الاولى في الإرث، وأمّا عليّ عليه السلام فلأنّه ابنُ عمٍّ صُلبيّ للنبيّ صلى الله عليه و آله من الأب والامّ، بخلاف العبّاس عمّ النبيّ صلى الله عليه و آله فهو عمّ من الأب دون الأمّ، و ذلك لجملة دلائل:

[1] فقد اشترط المالكيّة في الإمام كونه قرشيّاً كما في حاشية الدسوقي: 2: 120، ونسب التفتازاني ذلك إلى كافّة المسلمين في شرح المقاصد: 5: 243 و 244، وقد ذكر النووي في شرح مسلم إجماع الصحابة والتابعين، فمن بعدهم ونقل أحاديث عن الصحاح في ذلك. شرح مسلم للنووي: 12: 199 و 200، وقد اشترط القاضي الأيجي في كتاب المواقف وشرحه لزوم كون الإمام قرشيّاً. كتاب شرح المواقف: 8: 350.