تطابق البعثة الخاصة في الامّيين مع البعثة الخاصّة في الأقربين:

أمّا الجواب عن ذلك:

أوّلًا: بأنّ البعثة في الأمّيين، المذكورة في سورتي الجمعة والبقرة، وهما سورتان مدنيّتان، هي بعثة خاصّة للمجتبى من بني عبد المطّلب، وهي نفسها البعثة الخاصّة في قوله تعالى: وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ، وفي قوله تعالى على لسان إبراهيم: رَبَّنا وَ ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا.

وعليه فإنّه ليس المراد من الامّيّين هم كلّ العرب، ولا كلّ قريش، ولا كلّ بني عبد المطّلب، بل المراد هو المجتبى والمختار من بني عبدالمطّلب.

ومرّ بمقتضى بعض الآيات والأحاديث النبويّة أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله بُعث بخاصّة للمجتبى من بني عبد المطّلب، كما في قوله تعالى: وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ، وقوله صلى الله عليه و آله في الحديث المستفيض يوم الدار مخاطباً بني عبد المطّلب أوائل البعثة، بعد نزول الآية:

«بعثت إليكم بخاصّة»،

ومقتضاه أنّه صلى الله عليه و آله بُعث في المرحلة الاولى وابتداءاً إلى بني عبد المطّلب كبعثة خاصّة، دون سائر الامّة، وأنّ الذين استجابوا من بني عبد المطّلب لتلك البعثة الخاصّة، هو عليّ عليه السلام خاصّة، وأصحاب الكساء من بعده بمقتضى البعثة في الامّيّين، كما سيأتي توضيحها، حيث إنّ أعباء ومسؤولية هذه البعثة ممتدّة إلى يوم القيامة، وقد تقدّم في روايات الفريقين لحديث يوم الدار أنّ الوارث للنبيّ صلى الله عليه و آله بمقتضى تلك البعثة الخاصّة هو عليّ عليه السلام.

ويشهد لهذه البعثة الخاصّة، أي بعثة النبيّ صلى الله عليه و آله الخاصّة لمن يستجيب لها من بني عبد المطّلب، ويشاطر النبيّ صلى الله عليه و آله في أعباء الرسالة، قوله تعالى: وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* رَبَّنا وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَ أَرِنا مَناسِكَنا وَ تُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ* رَبَّنا وَ ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ